بل التحقيق الذي عليه المحققون أنه ينظر إلى ما يتسارع إلى الذهن من اللفظ وما يتبادر إلى الفهم منه وما عضدته قرائن المقام فيؤخذ به وعليه يبني الاستدلال ولا يلتفت إلى ما يعارضه من الاحتمال.
وما اشتهر في كلامهم ودار على السنة أقلامهم من قوله: إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال فكلام شعري وتمويه جدلي لما عرفت.
نعم متى حصل المعارض الراجح يمكن الرجوع إلى التأويل لضرورة الجمع بين الدليلين، وأي ظاهر في التحريم أظهر من قوله عليه السلام في الرواية الأولى (1) " فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام " وقوله في الثانية (2) " فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام أخر ".
وليت شعري إذا كانت الأوامر الواردة في الأخبار لا تدل على الوجوب و النواهي لا تدل على التحريم كما تكرر منه في كتابه وأمثال هذه العبارات لا تدل على وجوب ولا تحريم فلأي شئ أخرجت هذه الأخبار، وهل هذا الكلام إلا موجب لرفع التكليف بالكلية وابطال الشريعة، إذ لا وجوب عنده ولا تحريم في حكم من الأحكام الشرعية لطعنه في الأخبار بعدم الدلالة على ذلك في جميع الموارد واللازم منه ما ذكرناه نعوذ بالله من زيغ الأفهام وطغيان الأقلام.
المسألة الثالثة قد اتفقت كلمة الأصحاب والأخبار على أنه يستحب للمعتكف أن يشترط على ربه في الاعتكاف أنه إذا عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف، ومن الأخبار في ذلك ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام (3) قال: " إذا اعتكف العبد فليصم، وقال: لا يكون اعتكاف أقل من ثلاثة أيام، واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط في احرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله ".