الأخبار المتضمنة لوجوب القضاء بالافطار اختيارا قد اشتملت على شيئين:
أحدهما ثبوت الإثم والذنب الموجب للمؤاخذة وهو الذي أمر بالكفارة لدفعه في جملة من المواضع، وثانيهما قضاء ذلك اليوم، والمعلوم المقطوع به من أخبار تسويغ الافطار للاكراه والتقية هو ارتفاع الإثم خاصة كما أشرنا إليه إذ لا يجوز أن يسوغ له الشارع الافطار ثم يعاقبه عليه، وحينئذ فيبقى ما دل على القضاء على حاله بلا معارض يوجب اخراجه عن ما هو عليه ويخرج مرسل رفاعة شاهدا على ذلك.
ثم إن الظاهر من كلام الأصحاب وبه صرح جملة منهم أنه يكفي في جواز الافطار ظن الضرر بالترك، وربما ظهر من عبارة الدروس أن ذلك إنما يسوغ عند خوف التلف.
ولعله (قدس سره) اعتمد على أخبار الصادق عليه السلام مع أبي العباس حيث تضمنت أن افطاره عليه السلام لخوف التلف والقتل، ومنها الخبر المتقدم.
ومنها أيضا ما رواه في الكافي في الصحيح عن داود بن الحصين عن رجل من أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام (1) " أنه قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس إني دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال يا أبا عبد الله عليه السلام أصمت اليوم؟ فقلت لا. والمائدة بين يديه فقال فادن فكل قال فدنوت فأكلت. قال وقلت: الصوم معك والفطر معك؟ فقال الرجل لأبي عبد الله عليه السلام تفطر يوما من شهر رمضان؟ فقال أي والله أفطر من شهر رمضان أحب إلى من أن يضرب عنقي ".
والظاهر الاكتفاء بمجرد خوف الضرر كما هو المعلوم من الأخبار في جملة من موارد التقية ولقوله عليه السلام في حسنة زرارة (2) " التقية في كل ضرورة وصاحبها