الشرعية تقية وإن لم يكن ثمة قائل من العامة، والأمر ههنا كذلك، وحيث إنه قد استفاض عنهم القول بكون شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور واشتهر ذلك عنهم (عليهم السلام) وإن كان ذلك مذهب العامة أيضا شددوا بإنكاره في هذه الأخبار لأجل ايقاع الاختلاف بتكذيب العامة والحلف على أنه ليس كذلك، والاستدلال بتلك الأدلة الاقناعية ليتقوى عند الشيعة السامعين لذلك ضعف النقل الأول والقول المشتهر عنهم في تلك الأخبار، فيحصل الاختلاف بين الشيعة ويتأكد ذلك ليترتب ما ذكروه في تلك الأخبار المتقدمة ثمة عليه من قولهم (عليهم السلام) (1) " لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم " ونحو ذلك من ما تقدم تحقيقه مستوفى مبرهنا في المقدمة الأولى.
هذا ومظهر الخلاف في هذه المسألة إنما هو في صورة تعذر الرؤية كما تقدم في كلام المحدث الكاشاني، وذلك فإن الصدوق مع تصلبه ومبالغته في العمل بأخبار الحساب قد صرح بوجوب الصيام للرؤية وعقد لذلك بابا فقال (2) باب " الصوم للرؤية والفطر للرؤية " وأورد فيه من الأخبار ما يدل بعضه على الرؤية المستندة إلى الشياع وبعضه على الرؤية المستندة إلى شهادة العدلين، وحينئذ فلم يبق مظهر للخلاف إلا في الصورة المذكورة، فعلى هذا لو غم الهلال في ليلة الثلاثين من شعبان فعلى تقدير العمل بقاعدة الحساب يجب أن يصام هذا اليوم بنية شهر رمضان لأن شعبان عندهم بهذه القاعدة تسعة وعشرون يوما فيكون هذا اليوم أول شهر رمضان، وعلى القول المشهور يجب أن يحكم به من شعبان ولا يجوز صيامه من شهر رمضان كما تقدمت الأخبار به الدالة على المنع من صيام يوم الشك بنية شهر رمضان فتكون هذه الأخبار عاضدة لأخبار القول المشهور في هذه المسألة، وبه يظهر قوة القول المذكور وأنه المؤيد المنصور وضعف ما عارضه وأنه بمحل من القصور.