ورد بأن سائر العبادات إذا واظب عليها المكلف أورثت ذلك خصوصا الجهاد، قال الله تعالى: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " (1) وقال الله تعالى: " اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به " (2).
الثالث أن الصوم أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه فلذلك شرف بخلاف الصلاة والحج والجهاد وغيرها من الأعمال. وعورض بأن الايمان والاخلاص وأفعال القلوب خفية مع أن الحديث متناول لها، ويمكن دفعه بتخصيص الأعمال بأفعال الجوارح لأنه المتبادر من اللفظ.
وقال بعض المحققين هب أن كل واحد من هذه الأجوبة مدخول بما ذكر فلم لا يكون مجموعها هو الفارق فإن هذه الأمور لا تجتمع في غير الصوم. وهو جيد.
الخامسة في علة فرض الصوم، روى الصدوق في الصحيح عن هشام بن الحكم (3) " أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن علة الصيام فقال إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقير وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لأن الغني كلما أراد شيئا قدر عليه فأراد الله أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والألم ليرق على الضعيف ويرحم الجائع " ورواه في كتاب العلل عن هشام ابن الحكم (4) وزاد " ثم سألت أبا الحسن عليه السلام فأجابني بمثل جواب أبيه ".
وبإسناده عن صفوان بن يحيى عن موسى بن بكر عن زرارة عن الصادق عليه السلام (5) قال: " لكل شئ زكاة وزكاة الأجسام الصيام ".
وبإسناده عن محمد بن سنان عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في ما كتب إليه من جواب مسائله (6) " علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، ويكون ذلك دليلا له على شدائد الآخرة مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات واعظا له في العاجل دليلا على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل