موضع آخر منه: ولو نذر اعتكاف ثلاثة أيام وجب عليه أن يدخل فيه قبل طلوع الفجر من أول يومه إلى بعد الغروب من ذلك اليوم وكذلك اليوم الثاني والثالث، هذا إن أطلقه وإن شرط التتابع لزمه الثلاثة الأيام بينها ليلتان.
قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه: والمعتمد دخول الليالي، لنا أن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام ومفهوم ذلك دخول الليالي. انتهى.
أقول: كأن الشيخ (رحمه الله) بنى على أن اليوم إنما هو عبارة عن ما بعد طلوع الفجر إلى غروب الشمس والثلاثة الأيام المذكورة في الأخبار عبارة عن ذلك فالليل مع عدم قيد التتابع غير داخل فيها. وفيه أن الحكم على الثلاثة بكونها أقل ما يقع فيه الاعتكاف ولا يصح في أقل منها ظاهر في إدخال الليلتين بالتقريب المتقدم، ويعضده الأخبار الدالة على وجوب الكفارة على من جامع ليلا وهو معتكف (1) كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وتقييدها بالمتابعة لا دليل عليه ولا داعي إليه.
الثالث المكان ولا بد أن يكون مسجدا اتفاقا وإنما اختلفوا في تعيينه فقال الشيخ والمرتضى أنه لا يصح الاعتكاف إلا في أربعة مساجد: المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، وبه قال أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه وسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس.
وقال علي بن بابويه: لا يجوز الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة ومسجد المدائن، والعلة في ذلك أنه لا يعتكف إلا في مسجد جمع فيه إمام عدل وقد جمع النبي صلى الله عليه وآله بمكة وجمع أمير المؤمنين عليه السلام في هذه المواضع، وقد روى في مسجد البصرة رواية.
وقال ابن إدريس في السرائر: وقد ذهب بعض أصحابنا وهو ابن بابويه إلى أن أحد الأربعة مسجد المدائن وجعل مسجد البصرة رواية، ويحسن في هذا الموضع