عن الشافعي في أحد قوليه الفرق بين الحيض والمرض فأوجب الإعادة بالمرض والبناء على ما مضى بالحيض (1) ومورد هذين الخبرين المرض.
وبالجملة فإن المفهوم من جملة من الأخبار أن منشأ الاختلاف في أخبارنا إنما هو التقية فالحمل عليها متعين في المقام، لاتفاق علمائنا قديما وحديثا على القول بالأخبار المتقدمة وهو مؤذن بكونه مذهبهم (عليهم السلام) فتكون التقية في الأخبار الأخر ثم إنه على تقدير البناء على العذر فهل تجب المبادرة إلى ذلك بعد زوال العذر بلا فصل؟ قيل نعم لأنه بتعمد الافطار بعد زوال العذر يصير مخلا بالتتابع اختيارا. وقطع الشهيد في الدروس بعدم الوجوب. والمسألة لا تخلو من تردد لعدم النص فيها وإن كان القول الأول لا يخلو من قرب والاحتياط يقتضي العمل به، ولو ثبت لأمكن حمل صحيحة جميل ومحمد بن حمران ورواية أبي بصير عليه بأن يحمل إعادة الصيام فيهما على ما إذا أفطر بعد زوال العذر عامدا.
قال في المدارك: ولو نسي النية في بعض أيام الشهر حتى فات محلها فسد صوم ذلك اليوم، وهل ينقطع التتابع بذلك؟ قيل نعم لأن فساد الصوم يقتضي عدم تحقق التتابع، وقيل لا لحديث رفع القلم (2) وظاهر التعليل المستفاد من قوله عليه السلام (3) " الله حبسه " وقوله عليه السلام " ليس على ما غلب الله عليه شئ " وبه قطع الشارح (قدس سره) ولا يخلو من قوة.
أقول: فيه إن ظاهر حديث رفع القلم إنما هو بالنسبة إلى عدم المؤاخذة وترتب العقاب على ذلك لا صحة العبادة، وظاهر التعليل المذكور في الخبرين لا يشمل مثل هذا كما أشرنا إليه آنفا، فإن النسيان إنما هو من الشيطان كما يدل عليه قوله عز وجل: فأنساه الشيطان ذكر ربه " (4) وقوله: " وأما ينسينك الشيطان فلا