(الثالث) المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا فرق في الحكم بطهارة هذه الأشياء من الميتة بين كون الميتة مما يؤكل لحمه لو ذكي ولا غيره، وقال العلامة في النهاية: أما بيض الجلال وما لا يؤكل لحمه مما له نفس سائلة فالأقوى فيه النجاسة، ونحوه ذكر في المنتهى أيضا، نقل ذلك في المعالم وقال بعد نقل الحكم المذكور لا نعرف فيه خلافا إلا من العلامة ثم نقل كلامه في الكتابين المذكورين.
وقال: ولا نرى لكلامه وجها ولا عرفنا له عليه موافقا وقد نص الشهيد في الذكرى على عدم الفرق وأما الإنفحة من غير المحلل كالموطوء ففي طهارتها احتمالان منشأهما من كون أكثر الأخبار الدالة على طهارتها واردة بالحل أو مسوقة لبيانه ومنه استفيدت الطهارة وذلك مفقود في غير المحلل، ومن عدم الدليل العام على نجاسة الميتة بحيث يتناول أمثال هذه الأجزاء كما أشرنا إليه ومقتضى الأصل هو الطهارة إلى أن يقوم الدليل على خلافها ولا دليل، ولم أقف لأحد من الأصحاب في ذلك على كلام وربما يكون اطلاقهم الحكم بالطهارة قرينة على عدم التفرقة. ولا يخفى أن فرق العلامة في حكم البيض يقتضي الفرق هنا أيضا. انتهى.
أقول: فيه أن ما ذكره بالنسبة إلى الإنفحة في الاحتمال الثاني من عدم الدليل العام على نجاسة الميتة مردود بما قدمنا ذكره من الأخبار الدالة على ذلك وما ذيلناها به من التقريب الدال على النجاسة، ومتى ثبت ذلك استلزم القول بنجاسة جميع أجزائها بالتقريب المتقدم في الكلب ونحوه من نجس العين كما سيجئ تحقيقه أيضا إن شاء الله تعالى في المقام والاعتراف بذلك من جملة من علمائنا الأعلام. وأما قوله: " وربما يكون اطلاقهم الحكم بالطهارة قرينة على عدم الحكم بالتفرقة " فهو معارض بأن اتفاقهم على الحكم بنجاسة الميتة كما اعترف به سابقا من أنه لا مستند لهذا الحكم إلا اتفاقهم المستلزم كما عرفت للحكم بنجاسة كل جزء جزء من أجزاء الميتة موجب للحكم بالنجاسة في الإنفحة فيبقى الوجه الأول من الاحتمالين المذكورين في كلامه سالما عن