ومحمد بن مسلم " اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصل فيه " وجه الدلالة أن الظاهر أن الأمر بغسل ما يؤخذ من الدابة بعد الموت إنما هو لنجاسة الأجزاء المصاحبة له من الجلد. ويتوجه عليه أن الأمر بالغسل لا يتعين كونه للنجاسة بل يحتمل أن يكون لإزالة الأجزاء المتعلقة به من الجلد المانعة من الصلاة فيه كما يشعر به قوله " وصل فيه " وبالجملة فالروايات متظافرة بتحريم الصلاة في جلد الميتة بل الانتفاع به مطلقا وأما نجاسته فلم أقف فيها على نص يعتد به، مع أن ابن بابويه روى في أوائل الفقيه مرسلا عن الصادق (عليه السلام) " أنه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والسمن والماء ما ترى فيه؟ فقال لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتوضأ منه واشرب ولكن لا تصل فيها " وذكر قبل ذلك من غير فصل يعتد به أنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه، قال بل إنما قصدت إلى ايراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته، والمسألة قوية الاشكال " انتهى كلامه.
أقول: والكلام هنا يقع في مقامين: (الأول) فيما ذكره من المناقشة الأولى في عدم الدليل على نجاسة الميتة من ذي النفس غير الانسان، وها أنا أورد ما وقفت عليه من الروايات المتعلقة بذلك وإن طال به زمام الكلام فإنه أهم المهام.
وأقول: من ذلك روايات ما يقع في البئر والأمر بالنزح لها مع التغير وعدمه وقد اشتملت تلك الروايات على ميتة الانسان والدابة والفأرة والطير والحمار والبقرة والجمل والسنور والحمام والدجاجة ونحو ذلك، ولا ينافي ذلك القول بطهارة البئر فإن ذلك ليس من حيث كون هذه الأشياء غير نجسة بل إنما هو من حيث عدم انفعالها بالنجاسة ولهذا لو تغير الماء بها فلا خلاف في النجاسة.
ومنها أخبار الدهن والزيت ونحوهما وهي كثيرة، ومنها صحيحة زرارة