ومن ظاهر قوله تعالى " أو دما مسفوحا " (1) حيث دل على حل غير المسفوح وهو يدل على طهارته، ثم قال: ويضعف الثاني بأن ظاهرهم الاطباق على تحريم ما سوى الدم المتخلف في الذبيحة ودم السمك على ما فيه، وقد قلنا أن المتبادر من الذبيحة ما يكون من مأكول اللحم فدم ما لا يؤكل لحمه حرام عندهم مطلقا، وعموم ما دل على تحريم الحيوان الذي هو دمه يتناوله أيضا إذ أكثر الأدلة غير مقيدة باللحم وإنما علق التحريم فيها بالحيوان فيتناول جميع أجزائه، ولا يرد مثله في المحلل لقيام الدليل هناك على تخصيص التحليل باللحم وأجزاء أخر معينة، وبالجملة فحل الدم مع حرمة اللحم أمر مستبعد جدا لا سيما بعد ما قررناه من ظهور الاتفاق بينهم فيه وتناول الأدلة بظاهرها له، وإذا ثبت التحريم هنا لم يبق للآية دلالة على طهارته كما لا يخفى. انتهى. وهو جيد. وبالجملة فالآية مخصصة وظواهر الأدلة الدالة على تحريم ما لا يؤكل لحمه شاملة للدم وغيره، مضافا جميع ذلك إلى اطلاق جملة من أخبار نجاسة الدم المتقدمة ونحوها، فلم يبق للتوقف في النجاسة وجه.
(الرابع) ما عدا المذكورات من الدماء التي لا تخرج بقوة من عرق ولا لها كثرة وانصباب وليس مما تخلف بعد الذبح كدم الشوكة والعثرة ونحو ذلك من ذي النفس مطلقا، وظاهر الأصحاب أيضا الاتفاق على نجاسته. ويدل عليه أخبار نجاسة دم الرعاف والأمر بغسله كما تقدم بعض منها واطلاق الأخبار المتقدمة ونحوها، وربما أوهم كلام العلامة في جملة من كتبه الطهارة في هذا القسم وسابقه حيث إنه قيد في المنتهى وجملة من كتبه الدم المحكوم بنجاسته بالمسفوح وظاهره حصر النجس في المسفوح. وكذا كلامه في المختلف حيث قال فيه محتجا على طهارة المتخلف في الذبيحة:
هو طاهر اجماعا لانتفاء المقتضي للتنجيس وهو السفح. ولصاحب المعالم (قدس سره) في هذا المقام كلام طويل على عبارة العلامة (قدس سره) في المنتهى أورده في الكتاب