وعدمه، اللهم إلا أن يدعى أنه بالغليان يكون مسكرا كما في سائر الأشربة المسكرة، ولم أقف هنا على دليل قاطع يظهر منه حكم المسألة إلا الخبران المذكوران وهما غير خاليين من الاجمال كما عرفت ولكن ظاهر كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) هو ما ذكرناه كما لا يخفى على من لاحظ كلامهم، وأصرح من عبارة المحقق فيما قلنا ما ذكره في مجمع البحرين للشيخ التقي الزاهد الشيخ فخر الدين بن طريح " والفقاع كرمان شئ يشرب يتخذ من ماء الشعير فقط وليس بمسكر ولكن ورد النهي عنه. قيل سمي فقاعا لما يرتفع في رأسه من الزبد ".
هذا، وأما ما ذكره في المدارك من أنه ينبغي أن يكون المرجع فيه إلى العرف لأنه المحكم فيما لم يثبت فيه وضع شرعي ولا عرفي ففيه أنه وإن اشتهر ذلك بينهم وجعلوه من جملة القواعد التي يبنون عليها الأحكام إلا أن فيه (أولا) أن المفهوم من الأخبار على وجه لا يعتريه الانكار عند من رجع إليها وتأمل فيها بعين الاعتبار أن الواجب في صورة عدم العلم بالمعنى المراد من الخطاب الشرعي هو الفحص والبحث من أخبارهم (عليهم السلام) عن تحصيل المعنى المراد منه ومع عدم الوقف عليه هو الرجوع والوقوف على جادة الاحتياط. و (ثانيا) أن الحوالة على العرف مع ما علم يقينا من أن العرف الذي عليه الناس مختلف باختلاف البلدان والأقطار فكل قطر لهم عرف واصطلاح ليس لغيرهم من سائر الأقطار، ومن المعلوم أن الأحكام الشرعية مضبوطة معينة فكيف تناط بما هو مختلف متعدد؟ مضافا ذلك إلى أن تتبع جميع الأقطار في الاطلاع على ذلك العرف أمر عسر بل متعذر كما لا يخفى، وأما فيما نحن فيه من هذه المسألة فقد عرفت الحكم فيها مما نقلناه من الخبرين المذكورين حسبما ذكرنا. والله العالم (الثالث) ألحق جمع من الأصحاب بالمسكرات في النجاسة العصير العنبي إذا على واشتد ولم يذهب ثلثاه وبعض علق الحكم على مجرد الغليان وبعضهم على الاشتداد.
قال المحقق في المعتبر: " وفي نجاسة العصير بغليانه قبل اشتداده تردد أما التحريم