ويدل على قول الشيخين ما رواه الشيخ في التهذيب عن فارس (1) قال:
" كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج تجوز الصلاة فيه؟ فكتب لا " وردها الأصحاب بالطعن في الراوي فإنه مذموم جدا فإن فارسا المذكور هو ابن حاتم القزويني كما يظهر من كتب الرجال، قال الشيخ فيه أنه غال ملعون، وقال العلامة في الخلاصة أنه فسد مذهبه وقتله بعض أصحاب أبي محمد العسكري (عليه السلام) وله كتب كلها تخليط ونقل عن الفضل بن شاذان أنه ذكر أن من الكذابين المشهورين الفاجر فارس بن حاتم القزويني. وحينئذ فيجب اسقاط روايته، ومن العجب هنا أن العلامة في المختلف عد روايته في الحسن والحال فيه ما عرفت، هذا مع أن المكاتب فيها أيضا غير معلوم.
وأصحابنا (رضوان الله عليهم) لم يوردوا دليلا للقول المشهور سوى رواية وهب بن وهب وردوها بضعف السند أيضا مع أن الموثقتين المذكورتين ظاهرتا الدلالة وإن كان بطريق العموم على المدعى، قال المحقق في المعتبر بعد الطعن في الروايتين المذكورتين: " وبتقدير سقوط الروايتين يكون المرجع إلى الأصل وهو الطهارة ما لم يكن جلالا، ولو قيل الدجاج لا يتوقى النجاسة فرجيعه مستحيل عنه فيكون نجسا، قلنا: بتقدير أن يكون ذلك محضا يكون التنجيس ثابتا أما إذا كان يمزج علفه فإنه يستحيل أما عنهما أو عن أحدهما فلا تتحقق الاستحالة عن النجاسة إذ لو حكم بغلبة النجاسة لسرى التحريم إلى لحمها، ولما حصل الاجماع على حلها مع الارسال بطل الحكم بغلبة النجاسة على رجيعها " انتهى. أقول: ما ذكره هنا من أنه متى كان رجيعه مستحيلا عن عين النجاسة فإنه نجس أحد القولين في المسألة وهو مذهبه في كتاب الأطعمة من الشرائع على تردد فيه، مع أنه قد صرح هنا في نجاسة الدم بأن الدم يطهر باستحالته قيحا ولبنا ولحما، والمشهور هو الطهارة كما سيأتي تحقيقه في الباب إن شاء الله تعالى.
(الموضع الرابع) في أبوال الدواب الثلاث الخيل والبغال والحمير وأرواثها