بالتخصيص بذي النفس السائلة. ولا يخفى ما فيه من البعد بل هو مما يقطع بعدمه، فإن شمول الأخبار المذكورة لما عدا مني الانسان مما يكاد يقطع بعدمه أيضا فكيف ما لا نفس له، إذ حمل السؤالات المذكورة في الأخبار عن إصابة الثوب والبدن على مني غير الانسان من الحيوانات أندر نادر وأشذ شاذ، سيما مع تصريحهم في غير موضع بأن الاطلاقات في الأخبار إنما تنصرف إلى الأفراد الشائعة المتكثرة الوقوع دون الفروض النادرة، فإذا كان الأمر كذلك في مني ما له نفس فكيف في مني ما لا نفس له؟ وبالجملة فالظاهر أن القول بالطهارة ما لا يحوم حوله شبهة الاشكال ولا يداخله النقض والاختلال.
تنبيهات (الأول) قد عرفت اتفاق الأصحاب (رضوان الله عليهم) على نجاسة مني الانسان وتظافر الأخبار به إلا أن هنا جملة من الأخبار لا تخلوا في ذلك من اشكال ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة (1) قال: " سألته عن الرجل يجنب في ثوبه أيتجفف فيه من غسله؟ فقال نعم لا بأس به إلا أن تكون النطفة رطبة فإن كانت جافة فلا بأس " وحمله الشيخ في الإستبصار على ما إذا لم يتجفف بالموضع الذي فيه المني لئلا يصيبه المني. وفيه أنه لا يظهر على هذا فرق بين الرطبة والجافة لاشتراكهما في حصول البأس مع الإصابة رطبا كان أو يابسا مع رطوبة بدنه وانتفائه مع عدم إصابتها مع أنه فرق بينهما.
أقول: قد وقفت في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا البهائي على الجواب عن هذا الاشكال الوارد على جواب الشيخ عن هذه الرواية، حيث قال: " ظاهر هذا الحديث مشكل فإنه يشعر بطهارة المني إذا كان جافا كما هو مذهب بعض العامة وإلا فلا فرق هنا بين ما إذا كان المني رطبا وجافا إذا لم يماس البدن حال تنشيفه. ويمكن أن