بعدة طرق من قوله (1): " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " فإنه شامل للطهارة الحدثية والخبثية، والطهور كما تقدم تحقيقه في صدر الكتاب هو الطاهر المطهر، فيجب الحكم هنا بطهارة التراب وإن غفل عنه الأصحاب في هذا الباب.
(السادس) نقل العلامة في المختلف عن ابن الجنيد أنه يجزئ في الغسلة الأولى التراب أو ما قام مقامه وهو يدل على عدم تحتم التراب عنده بل يجزئ ما قام مقامه في إزالة النجاسة عن المحل وظاهره التخيير بين التراب وغيره مما في معناه، وجمهور الأصحاب على خلافه وقوفا على النص الوارد في المسألة كما تقدم، ولعل ذهاب ابن الجنيد إلى ذلك مبني على ما نقله الأصحاب عنه من العمل بالقياس، قال الشيخ في الفهرست في ترجمة ابن الجنيد: وكان جيد التصنيف حسنه إلا أنه كان يرى القول بالقياس فترك لذلك كتبه ولم يعول عليها. وقال النجاشي في كتابه: أحمد بن الجنيد أبو علي الكاتب وجه في أصحابنا ثقة جليل القدر صنف فأكثر وأنا ذاكرها بحسب الفهرست الذي ذكرت فيه، ثم ذكرها إلى أن قال سمعت شيوخنا الثقات يقولون إنه كأن يقول بالقياس. وقال العلامة في الخلاصة: إنه كان وجها في أصحابنا ثقة جليل القدر، ثم نقل كلام الشيخ المتقدم. أقول: لا يخفى ما في كلامه وكذا كلام النجاشي قبله من الاشكال لأن وصفه بالجلالة والوثاقة مع نقلهم عنه القول بالقياس مما لا يجتمعان فإن أصحابنا مجمعون على أن ترك العمل بالقياس من ضروريات مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لاستفاضة الأخبار بالمنع منه فكيف يجامع القول به الوثاقة؟ وظاهر كلام الشيخ الجزم بذلك والنجاشي قد نقل عن شيوخه الثقات ذلك فكيف يصفه مع ذلك بما ذكره في صدر الترجمة؟ وبالجملة فكلامهم هنا لا يخلو من النظر الواضح.
(السابع) نقل المحقق في المعتبر عن الشيخ في المبسوط أنه قال: إذا لم يوجد التراب اقتصر على الماء وإن وجد غيره كالأشنان وما يجري مجراه أجزأ. ثم نقل ذلك