واتفاق كلمة هؤلاء الفضلاء الذين هم أساطين المذهب ويرجحه اعتضاده بالاحتياط، وأكثر الأصحاب إنما عبروا هنا بالرش والموجود في الأخبار كما أشرنا إليه آنفا التعبير بالنضح في بعض والصب في آخر وكأنه بناء منهم على فهم ترادف الألفاظ الثلاثة، وقد عرفت في آخر المسألة المتقدمة ما في كلام النهاية وصاحب المدارك من المخالفة في ذلك وبينا ما فيه.
و (منها) ملاقاة الخنزير جافا والمشهور هنا أيضا بين المتأخرين الاستحباب وقد تقدم نقل القول بالوجوب عن الجماعة المتقدم ذكرهم، ويدل على الحكم هنا صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به؟ قال إن كان دخل في صلاته فليمض وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون فيه أثر فيغسله " والرواية المذكورة قد اشتملت على النضح وقد تقدم الكلام في مرادفته للرش وعدمها وإن الأظهر المرادفة، واحتمال الوجوب أو الاستحباب هنا في الأمر جار على ما تقدم إلا أن الظاهر هنا أن الأمر على تقدير الوجوب لا يكون مستندا إلى النجاسة وإنما هو تعبد كما ذكرنا آنفا، وذلك لأنه قد أمره بالمضي في الصلاة إذا كان دخل فيها وهذا لا يجامع النجاسة، ولا ينافي ذلك الأمر بالغسل إذا كان فيه أثر لأن سياق الرواية إنما هو الإصابة بقول مطلق ولم يعلم كونها برطوبة أو عدمها وقد دخل في الصلاة والحال كذلك. فأمر (عليه السلام) بالمضي في الصلاة استصحابا لأصالة الطهارة، لأن الإصابة بيبوسة غير موجبة للتنجيس والرطوبة غير معلومة فيتم البناء على أصالة الطهارة ويتم الأمر بالمضي فيها وإن كان ذلك قبل دخوله في الصلاة فلينضحه إلا أن يكون فيه أثر فيغسله، وظاهر الخبر الدلالة على عدم وجوب الفحص بعد دخوله في الصلاة وأنه يكفي البناء على أصالة الطهارة عند الشك كما يدل عليه صحيح زرارة الطويل