المذكور ومناقشات فيه للفاضل الخوانساري في شرح الدروس ليس للتعرض لها كثير فائدة مع الاتفاق على الحكم المذكور. والظاهر كما استظهر جملة من الأصحاب أن الحامل للعلامة على التقييد بالمسفوح في عباراته إنما هو الاحتراز عن الدم المتخلف في الذبيحة حيث إنه طاهر اجماعا وكذا غيره مما حكموا بطهارته، فإنه لا ريب ولا شك في نجاسة هذا القسم المذكور الذي نحن في صدد الكلام عليه، لا أن قصده اخراج شئ من أصناف دم ذي النفس على الاطلاق.
(الخامس) دم السمك، ولا ريب في طهارته تمسكا بالأصل السالم من المعارض ويعضده فقد شرط التنجيس عند الأصحاب وهو وجود النفس السائلة، وقد نقل الاجماع على الطهارة جمع من محققي الأصحاب: منهم الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية وابن إدريس في السرائر والمحقق في المعتبر والعلامة في المختلف والشهيد في الذكرى، وقد ذكر في المختلف أن ظاهر تقسيم الشيخ للدم في المبسوط والجمل يعطي حكمه بنجاسة دم السمك والبق والبراغيث مع أنه لا يجب إزالة قليله ولا كثيره، وتخطى المتأخرون عن العلامة فنسبوا إلى الشيخ في الكتابين القول بنجاسة الدماء المذكورة جزما مع أن العلامة إنما نسب ذلك إلى ظاهر كلامه بمعنى أن اللازم منه ذلك لا أنه قائل به حقيقة.
أقول: والسر في ذلك أنه قال في الجمل: النجاسات على ضربين دم وغيره، والدم على ثلاثة أضرب: ضرب يجب إزالة قليله وكثيره وهي كذا وكذا، فعد أنواعه، وضرب لا يجب إزالة قليله ولا كثيره وهي خمس أجناس: دم البق والبراغيث والسمك والجراح اللازمة والقروح الدامية. وهكذا عبارة المبسوط، وأجاب في المعالم بأن ذلك أنما نشأ من سوء تعبير الشيخ في هذا المقام وإلا فإنه غير مراد له قطعا، وينبه على ذلك أنه في الخلاف ذكر نظير هذا الكلام المنقول عن الجمل والمبسوط بعدما نقل الاجماع على الطهارة بسطر واحد، وذلك فإنه بعد أن حكى خلاف الشافعي في هذه الدماء قال دليلنا اجماع الفرقة، وأيضا فإن النجاسة حكم شرعي ولا دلالة في الشرع على نجاسة هذه الدماء، ثم