اليبوسة فإنه قد وقع الخلاف في تعدي نجاسة الميتة مع اليبوسة، فظاهر جملة من الأصحاب التعدي فإن لهم في ذلك أقوالا متعددة، فقيل بتأثيرها مطلقا قال في المعالم وهو صريح كلام العلامة في النهاية وظاهره في مواضع أخر من كتبه وفي بعض عبارات المحقق اشعار به. أقول: وهو صريح والده في الروض بالنسبة إلى نجاسة الميت من الانسان حيث قال بعد ذكر خبري الحلبي وإبراهيم الآتيين وكلام في البين ما لفظه:
ودلا أيضا على أن نجاسة الميت تتعدى مع رطوبته ويبوسته للحكم بها من غير استفصال، وقد تقرر في الأصول أن ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يدل على العموم في المقال وإلا لزم الاغراء بالجهل. انتهى. وقيل بعدم تأثيرها بدون الرطوبة مطلقا كغيرها من النجاسات، قال في المعالم صرح به بعض المتأخرين. أقول: الظاهر أنه المحقق الشيخ علي (قدس سره) فإنه صرح بذلك. وقيل بالتفصيل بموافقة الأول في ميتة الآدمي والثاني في ميتة غيره، اختاره جماعة من الأصحاب: منهم العلامة في التذكرة والشهيد في الذكرى، وقيل بموافقة القول الأول في الآدمي مطلقا وموافقة الثاني في ايجاب غسل ما تلاقيه ميتة غير الآدمي لا في نجاسته، ويظهر ذلك من المنتهى.
وقد تلخص من ذلك بالنسبة إلى ميتة الآدمي أن في نجاسته قولين: (أحدهما) كون نجاسته عينية محضة مطلقا مع الرطوبة أو اليبوسة فعلى هذا ينجس ما يلاقي الميت برطوبة كان أو يبوسة، وهذا هو المشهور كما عرفت من ذهاب جماعة من فضلاء الأصحاب إليه كالعلامة في النهاية والتذكرة والمنتهى والشهيدين في الروض والذكرى والمحقق كما تقدم نقله عن المعالم وغيرهم. و (ثانيهما) كونها عينية محضة مع الرطوبة خاصة كغيرها من النجاسات وأما مع اليبوسة فلا تتعدى نجاستها، وهو اختيار المحقق الشيخ علي كما عرفت.
ثم إنه على القول الأول فهل تكون نجاسة الملاقي عينية محضة كسائر النجاسات التي لا تتعدى إلا مع الرطوبة خاصة دون اليبوسة أو أنها حكمية لا تتعدى إلى الملاقي لها مطلقا وإنما توجب غسل ذلك الذي لاقى بدن الميت خاصة؟ والأول ظاهر الأكثر.