وقال في شمس العلوم بعد أن ذكر أن الطعام الزاد المأكول: وقال بعضهم الطعام البر خاصة واحتج بحديث أبي سعيد " كنا نخرج صدقة الفطرة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) صاعا من طعام أو صاعا من شعير.. " انتهى. فهذه جملة من كلمات أهل اللغة متطابقة الدلالة على ما دلت عليه الأخبار المذكورة.
بقي الكلام هنا في الأخبار ومعارضتها بالأخبار المتقدمة، والحق عندي هو الترجيح لأخبار النجاسة وذلك من وجوه:
(الأول) اعتضادها بظاهر القرآن بالتقريب الذي قدمنا بيانه في معنى الآية وهي قوله سبحانه: " إنما المشركون نجس.. " وقد عرفت الجواب عما أوردوه على الاستدلال بالآية المذكورة، وهذا أحد وجوه الترجيحات المروية عن أهل العصمة (عليهم السلام) في مقام تعارض الأخبار في الأحكام الشرعية.
(الثاني) كون أخبار الطهارة موافقة لمذهب العامة بلا خلاف ولا اشكال كما صرح به جملة من الأصحاب حتى أن المرتضى كما قدمنا ذكره جعل القول بالنجاسة هنا من متفردات الإمامية، ومما يشير إلى التقية قوله (عليه السلام) في حسنة الكاهلي المسوقة في جملة أدلة القول بالطهارة: " أما أنا فلا أدعوه ولا أواكله وإني لأكره أن أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم " فإن مرمى هذه العبارة أن ذلك حرام شرعا ولكنه يكره أن يأمرهم به لما يخاف عليهم من لحوق الضرر بهم في ذلك، وإلا فلو كان حلالا شرعا فإنه لا معنى لاختصاص ذلك بهم (عليهم السلام) وهذا أيضا أحد وجوه الترجيحات المنصوصة من عرض الأخبار في مقام الاختلاف على مذهب العامة والأخذ بخلافهم.
(الثالث) اعتضاد أخبار النجاسة باتفاق الأصحاب إلا الشاذ النادر الذي لا يعبأ بمخالفته، قال في المعالم: ثم إن مصير جمهور الأصحاب (رضوان الله عليهم) إلى القول بالتنجيس مقتض للاستيحاش في الذهاب إلى خلافه بل قد ذكرنا أن جماعة