عن أبي بصير عنه (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الماء النقيع تبول فيه الدواب؟
فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وإن لم تغيره أبوالها فتوضأ منه، وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه " وصحيحة محمد بن مسلم (2) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب؟ قال إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " وصحيحته الأخرى عنه (عليه السلام) (3) قال: " قلت له الغدير فيه ماء مجتمع تبول فيه الدواب... الحديث المتقدم " وزاد في آخره: " والسكر ستمائة رطل " ورواية أبي بصير (4) قال: " سألته عن كر من ماء مررت به وأنا في سفر قد بال فيه حمار أو بغل أو انسان، قال لا تتوضأ منه ولا تشرب ".
هذا ما حضرني من الروايات الدالة على المدعى، والأصحاب لم يذكروا دليلا للقول بالنجاسة إلا رواية واحدة كما في المعتبر حيث اقتصر على حسنة محمد بن مسلم ثم أولها بالحمل على الاستحباب، وفي المدارك اقتصر على الثلاث الأول، وفيه ما أشرنا إليه آنفا، وربما زاد بعضهم كصاحب المعالم والفاضل الخراساني في الذخيرة، وأما روايات المياه فإنه لم يلم بها أحد بالكلية في هذا المقام مع أنهم يستدلون بها على نجاسة القليل بالملاقاة والكثير بالتغيير في باب المياه ويذهلون عن حكمهم هنا بالطهارة.
وأما أدلة القول المشهور فها أنا أذكرها واحدا واحدا مذيلا كلا منها بالجواب الكاشف عن حقيقة الحق والصواب.
فأقول: الأول الأصل استدل به في المعالم حيث قال: " ويدل على الطهارة وجوه:
أحدها الأصل فإن ايجاب إزالتها تكليف والأصل يقتضي براءة الذمة منه " انتهى.
والجواب عن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل وقد قدمنا من الأدلة الصحيحة الصريحة في النجاسة ما يشفي العليل ويبرد الغليل، وسيظهر لك ضعف ما عارضها إن شاء