ولم نقف لغيره على كلام في هذا الفرع إلا أنهم ذكروا نظيره في الملاقي للدم القليل المعفو عنه كالأقل من درهم، واختار جمع منهم ثبوت العفو في الملاقي أيضا مستندين إلى أن المتنجس بشئ لا يزيد حكمه عنه وغايته أن يساويه فإذا ثبت العفو عن عين النجاسة فما هو أضعف منه حكما أولى بالعفو، وهذا التوجيه جار فيما نحن فيه، وبهذا التقريب رجح في المعالم هنا الاحتمال الأول. والمسألة عندي محل توقف.
(المسألة الثالثة) الظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في أن ما نقص عن سعة الدرهم من الدم المسفوح الذي ليس من أحد الدماء الثلاثة ولا دم الجروح والقروح معفو عنه وأن ما زاد على الدرهم فلا يعفى عنه. ويدل على الأول بعد الاجماع المدعى من جمع من الأصحاب كالمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والنهاية والتذكرة والمختلف الأخبار الآتية، وعلى الثاني مضافا إلى الاجماع المدعى أيضا الأخبار الدالة على نجاسة الدم كما تقدم والأخبار الآتية الدالة على العفو عن الناقص، وإنما الخلاف والاشكال في قدر سعة الدرهم، فذهب الأكثر ومنهم الصدوقان والشيخان والفاضلان والشهيدان وغيرهم إلى ايجاب إزالته، وعن المرتضى وسلار عدم الوجوب.
وها أنا أبسط ما وقفت عليه من أخبار المسألة وأذيلها بما رزقني الله تعالى فهمه منها في الجمع بين مختلفاتها وتأليف متفرقاتها:
ومنها صحيحة عبد الله بن أبي يعفور (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في دم البراغيث؟ قال ليس به بأس. قال قلت إنه يكثر ويتفاحش؟
قال وإن كثر. قال قلت فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعدما صلى أيعيد صلاته؟ قال يغسله ولا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة ".