والمفيد من الحكم بالتجفيف. واعترضوه بأنه منفي بالأصل والنص فإن ظاهره الاكتفاء بمضمونه. أقول: قد عرفت أن مستندهم في ذلك أنما هو كلامه (عليه السلام) في الفقه الرضوي ولكن حيث لم يبلغهم ذلك أوردوا عليهم ما أوردوه وبه يجب الخروج عن الأصل المذكور. وأما النص المشار إليه في كلام المحقق وهو صحيحة البقباق فغايتها أن تكون مطلقة فيحمل اطلاقها على الخبر المذكور ويقيد به فلا اشكال.
(العاشر) اختلف الأصحاب فيما لو خيف فساد المحل باستعمال التراب، فقيل بأن الحكم فيه كما لو فقد التراب من المرتين أو الثلاث كما تقدم وهو منقول عن العلامة في المنتهى والتذكرة والتحرير إلا أنه في التذكرة صرح بالاجتزاء بالماء ولم يتعرض لذكر العدد وفي المنتهى رجح المرتين.
وقيل ببقاء الإناء على النجاسة وبه صرح الشهيد الثاني في الروضة ونقله في المعالم عن بعض مشايخه الذين عاصرهم، والوجه فيه ظاهر مما تقدم حيث إن الدليل يقتضي توقف حصول الطهارة على التراب والماء وليس على استثناء حال التعذر دليل يعتمد عليه فيبقى على أصالة النجاسة.
وفصل ثالث بأن خوف الفساد باستعمال التراب إن كان باعتبار توقف ايصاله إلى الآنية على كسر بعضها كما في الأواني الضيقة وأمكن مزج التراب بالماء وانزاله إليها وخضخضتها به على وجه يستوعبها وجب وأجزأ، وإن كان باعتبار نفاسة الآنية بحيث يترتب الفساد على أصل الاستعمال اكتفى بالماء قال وكذا إذا امتنع في الصورة الأولى إنزاله ممتزجا على الوجه الذي ذكر، وفرق بين هذا وبين ما إذا فقد التراب حيث مال ثمة إلى بقائه على النجاسة بأن الحكم بذلك هنا يفضي إلى التعطيل الدائم وهو غير مناسب لحكمة الشرع وتخفيفه وأما هناك فحصول التراب مرجو فلا تعطيل.
أقول: والتحقيق في المقام إنه إن قيل باجزاء الممزوج بالماء كما هو أحد الأقوال المتقدمة فما ذكره هذا المفصل في الوجه الأول جيد لأن هذا أحد أفراد التطهير بالتراب