مضافا إلى القاعدة المتقدمة هو النجاسة ووجوب التطهير من حيث الملاقاة وإن كانت طاهرة في حد ذاتها بأي المعنيين اعتبرت، إلا أن يقال بأن مقتضى الوقوف على ظواهر النصوص المذكورة هو التطهير بالنسبة إلى الصوف ونحوه حيث دلت على ذلك حسنة حريز المتقدمة، ولا منافاة في الحكم بطهارة الإنفحة بأي المعنيين المذكورين اعتبرت واستثناء ذلك من حكم ملاقاة النجاسة كما سيأتي مثله في اللبن في ضرع الميتة، ولعل وجه الاستثناء هو حكم الضرورة بالحاجة إلى الإنفحة كما يشعر به خبر يونس (1) من قوله (عليه السلام): " خمسة أشياء ذكية مما فيها منافع الخلق: الإنفحة والبيض والصوف والشعر والوبر " وحينئذ فيزول الاشكال من هذا المجال.
بقي الكلام هنا في بعض ما يتعلق بالمقام وهو أمران: (الأول) أن ظاهر كلام أهل اللغة الذي قدمناه هو أن الإنفحة مخصوصة بما إذا لم يرع وإلا فلو رعى لم يسم إنفحة وإنما يقال كرش مع أن شيخنا الشهيد في الذكرى قال: والإنفحة طاهرة من الميتة والمذبوحة وإن أكلت السخلة غير اللبن. ولا ريب في ضعفه حيث إن كلامهم متفق على تخصيص ذلك بما إذا كان اعتياده على اللبن ومع أكل غيره إنما يقال كرش لا إنفحة (الثاني) قال في المدارك بعد ذكر الإنفحة: " واختلف كلام أهل اللغة في معناها فقيل إنه كرش السخلة قبل أن تأكل، وقيل إنها شئ أصفر يستخرج من بطن الجدي، ولعل الثاني أولى اقتصارا على موضع الوفاق وإن كان استثناء نفس الكرش أيضا غير بعيد تمسكا بمقتضى الأصل " انتهى.
وأنت خبير (أولا) بأن ما علل به أولوية الثاني من الاقتصار على موضع الوفاق لا أعرف له وجها ظاهرا مع ما عرفت من الخلاف في المسألة وتقابل القولين فيها نعم لو كان القائل بأن الإنفحة عبارة عن الكرش يعني الكرش وما فيه ومن جملته ذلك الشئ الأصفر فيكون القول بالكرش أعم مطلقا فإنه يتم ما ذكره لكن لم أقف