الصبي المعلوم منه مغايرة الصب للغسل، فيكون الحكم بالمرادفة من حيث الشرع لا من جهة اللغة.
وأما ما ذكره في النهاية مما يؤذن بالفرق بين النضح والرش حيث قال: مراتب ايراد الماء ثلاثة النضح المجرد ومع الغلبة ومع الجريان، قال ولا حاجة في الرش إلى الدرجة الثالثة قطعا وهل يحتاج إلى الثانية؟ الأقرب ذلك ثم قال ويفترق الرش والغسل بالسيلان والتقاطر ففيه ما ذكره في المعالم حيث قال ونعم ما قال في جعل الرش مغايرا للنضح أن المستفاد من كلام أهل اللغة ترادفهما والعرف إن لم يوافقهم فليس بمخالف لهم ولا نعلم الفرق الذي استقربه من أين أخذه؟ مع أنه في غير النهاية كثيرا ما يستدل على الرش بما ورد بلفظ النضح وبالعكس، والظاهر من كلامهم وكلامه في غيره ترادف الصب والرش والنضح. انتهى. وبذلك يظهر لك ما في كلام صاحب المدارك من الفرق بين الصب وبين الفردين الآخرين.
ثم لا يخفى أن الظاهر أن المراد بقوله في النهاية النضح المجرد ومع الغلبة إنما هو غلبة الماء المنضوح به زيادة على البلل اليسير الذي يحصل به النضح عنده لا باعتبار استيعاب المحل وعدمه كما ذكره في المدارك وفسر به كلامه في النهاية ليتم له الاعتضاد به في ما ذهب إليه من الفرق.
(المسألة الخامسة) قد تفرد الصدوق فيما أعلم بعدم وجوب الغسل في ملاقاة كلب الصيد برطوبة واكتفى فيها بالرش ونفاه مع اليبوسة، فقال في الفقيه: ومن أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن بكلب صيد فعليه أن يرشه بالماء وإن كان رطبا فعليه أن يغسله وإن كان كلب صيد وكان جافا فليس عليه شئ وإن كان رطبا فعليه أن يرشه بالماء. ولم أقف له على موافق ولا على دليل بل الأخبار وكلام الأصحاب متفقة على وجوب الغسل بملاقاة الكلب برطوبة والرش مع اليبوسة من غير فرق بين كلب الصيد وغيره وقد تقدمت الأخبار الدالة على ذلك في الفصل الثامن والتاسع في نجاسة