وهو محل غموض لا مدرك له من الأخبار وإن كان جاريا في كلامهم، وبذلك يظهر الاشكال فيما ذكره ووجه به كلام العلامة.
والذي يقرب عندي في هذا المقام أما بالنسبة إلى دم الاستحاضة والنفاس فالظاهر دخولهما في عموم أخبار العفو، وما ذكروه من استثنائهما الحاقا بدم الحيض نظرا إلى تساويهما في ايجاب الغسل فإن النفاس حيض في المعنى والاستحاضة مشتقة منه لا يخرج عن القياس، وبناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التعليلات العليلة مجازفة محضة كما أشرنا إليه في غير مقام. وأما دم الكافر وأخويه فالظاهر أنه لا عموم في الأخبار المتقدمة على وجه يشمله إذ لا يخفى أن المتبادر من الدم فيها إنما هو الأفراد الشائعة المتكاثرة المعتادة المتكررة الوقوع كما صرحوا به في غير مقام من أن اطلاق الأخبار إنما ينصرف إلى الأفراد المتكثرة الوقوع دون الفروض النادرة التي ربما لا تقع مدة العمر ولو مرة واحدة. فالواجب هو الحمل على الأفراد المتعارفة من دم الانسان أو الحيوانات التي يتعارف ذبحها أو نحو ذلك، وحينئذ يبقى على وجوب الإزالة وعدم الدخول تحت عموم أخبار العفو ولا ريب أن الاحتياط يقتضيه.
ويلحق بدم الحيض هنا في وجوب إزالة قليله وكثيره دم الغير لمرفوعة البرقي عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " دمك أنظف من دم غيرك إذا كان في ثوبك شبه النضح من دمك فلا بأس، وإن كان دم غيرك قليلا أو كثيرا فاغسله " ولم أقف على من تنبه على هذا الكلام إلا الأمين الاسترآبادي فإنه ذكره واختاره، وإلى هذه الرواية أشار أيضا في كتاب الفقه الرضوي (2) فقال: " وأروي أن دمك ليس مثل دم غيرك " والله العالم.
(الموضع الخامس) قد اشتملت الأخبار المتقدمة على تحديد القدر المعفو عنه من الدم وغير المعفو عنه بالدرهم، وهي مجملة في ذلك تفسيرا وتقديرا إلا أن ظاهر