واضح، ولو قدر بناء الحكم على ذلك لأنهار من أصله إذ المشقة قد تنتفي في كثير مما ليس بمحصور وربما وجدت في بعض أفراد المحصور فأي معنى حينئذ لجعل الحصر مناطا للحكم وقد كان الواجب على هذا أن يناط بعدم المشقة ووجودها. وبالجملة فالاشكال في التفرقة هنا بين ما يجب فيه الاجتناب وما لا يجب قوي جدا إذ ليس لها شاهد من جهة النص يعول في حكمها عليه وإنما هي من عبارات الفقهاء، والرجوع إلى القاعدة المقررة في الألفاظ التي لم يثبت لها حقيقة من جهة الشرع يتوقف على وجدان غيرها، ولا يكاد يظهر من اللغة ولا من العرف معنى مشخص لهذا اللفظ يطابق ما هو غرضهم منه، مع أن في كلامهم اختلافا في التمثيل للمحصور فالمحقق والفاضل مثلا له بالبيت وقد حكينا عن جماعة التمثيل بالبيت والبيتين ومثل بعض بالبيتين والثلاثة، وربما فسر غير المحصور بما يعسر حصره وعده لكثرة آحاده، والظلام يلوح على الكل انتهى، وهو جيد وإنما أطلنا الكلام بنقل كلماتهم في المقام لتطلع على أن النفخ في غير ضرام.
وبالجملة فالمستفاد من الأخبار هو ما قدمنا ذكره فكل ما دخل في أفراد القسم الأول ألحق به وما دخل في أفراد الثاني ألحق به وما اشتبه الأمر فيه فالاحتياط طريق السلامة. والله العالم.
(المسألة الخامسة) قال في المعالم إن حكم بنجاسة شئ لعروض أحد الأسباب المقتضية لذلك توقف في عوده إلى الطهارة على العلم بحصول أحد الوجوه التي ثبت كونها مفيدة للتطهير أو ما يقوم مقام العلم وهو شهادة العدلين، ويحتمل الاكتفاء بأخبار العدل الواحد لعموم مفهوم قوله تعالى: ".. إن جاءكم فاسق بنبأ.. الآية " (1) ولا اعتبار بأخبار غير العدل إلا أن ينضم إليه القرائن المفيدة معه للعلم، ولو أفادته منفردة كفت في الحكم بالطهارة أيضا. انتهى.
أقول: لم أقف على من تعرض لهذا الحكم غيره بنفي أو اثبات إلا الفاضلان