الهمزة وفتح الفاء مخففة وهي كرش الحمل والجدي ما لم يأكل فإذا أكل فهو كرش حكاه الجوهري عن أبي زيد، وفي المغرب إنفحة الجدي بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء وتشديدها وقد يقال منفحة أيضا وهو شئ يخرج من بطن الجدي أصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن ولا يكون إلا لكل ذي كرش، ويقال إنها كرشه إلا أنه ما دام رضيعا سمي ذلك الشئ إنفحة فإذا فطم ورعى العشب قيل استكرش انتهى.
وقال ابن إدريس في السرائر: والإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء كرش الحمل والجدي ما لم يأكل فإذا أكل فهو كرش وفسرها العلامة على ما نقله في المعالم في جملة من كتبه بما يوافق كلام القاموس فقال إنها لبن مستحيل في جوف السخلة.
وأنت خبير بأنه قد علم من ذلك الاختلاف في الإنفحة بين كونها عبارة عن الكرش أو عن ذلك الشئ الأصفر الذي يعصر في صوفة مبتلة فيغلظ، ويمكن ترجيح الثاني بقوله (عليه السلام) في رواية الثمالي " إنما تخرج من بين فرث ودم " فإن الظاهر أنه إشارة إلى قوله عز وجل: " وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " (1) قال في مجمع البيان نقلا عن ابن عباس قال: " إذا استقر العلف في الكرش صار أسفله فرثا وأعلاه دما وأوسطه لبنا فيجري الدم في العروق واللبن في الضرع ويبقى الفرث كما هو " انتهى. ومقتضى ذلك أن اللبن الذي تشربه السخلة يصير بعد وصوله إلى الكرش إلى هذه الأقسام الثلاثة ثالثها هو هذا الشئ الأصفر الذي ذكره أهل اللغة وإن كان بعد رعيه العلف يضمحل ذلك ولا يصير كذلك وإنما يبقى الفرث وهو التفل والدم خاصة. ويمكن أيضا أن يقال وهو الأنسب بكلام أهل اللغة القائلين بأن الإنفحة عبارة عن ذلك الشئ الأصفر ما دام يغتذي باللبن وإذا اغتذى بالعلف صار كرشا أنه في حال الاغتذاء باللبن ليس له كرش وإنما الذي يتحول إليه لبنه الذي يشربه هذا الشئ الأصفر مع التفل والدم وبعد رعيه يصير هذا الشئ الأصفر