هذا هو مقتضى الأصول الشرعية والقواعد المرعية المتفق عليها بين كافة العلماء قديما وحديثا، وزوال العين لم يجعل مطهرا إلا في حالة مخصوصة متفق عليها نصا وفتوى لا مطلقا كما يدعيه في غير الثلاثة التي قدمها.
احتج شيخنا الشهيد الثاني في الروض على ما ذهب إليه من النجاسة بعدم خروج الخزف عن مسمى الأرض كما لم يخرج الحجر عن مسماها مع أنه أقوى تصلبا منه مع تساويهما في العلة وهو عمل الحرارة في أرض أصابتها رطوبة ومن ثم جاز السجود عليهما مع اختصاصه بالأرض ونباتها بشرطية. انتهى.
وأجاب عن ذلك ولده في المعالم فقال: هذا، وعندي أن ادعاء عدم الخروج عن الاسم هنا توهم منشأه النظر إلى الحجر وملاحظة ما ذكر من اشتراكهما في علة الصلابة وكونها في الحجر أقوى، والعرف الذي هو المحكم عند فقدان الحقيقة الشرعية وخفاء اللغوية ينادي بالفرق ويعلن بصدق اسم الأرض على الحجر دون الخزف، وقد تنبه لهذا جماعة: منهم المحقق في المعتبر فقال في بحث التيمم: إن الخزف خرج بالطبخ عن اسم الأرض فلا يصلح التيمم به، ثم ذكر جوازه في الحجر محتجا بأنه أرض اجماعا (لا يقال) هذا مناف لتوقفه في طهارته (لأنا نقول) ليس نظره في التوقف إلى عدم الخروج عن الاسم لأنه توقف فيما لا ريب في خروجه وقد عرفت كلامه في الرماد وستري كلامه في ما يستحيل بغير النار. انتهى. ومن هنا يظهر أن توقف من توقف في المسألة للشك في الخروج وعدمه في محله. والله العالم.
(الثالث) العجين المعجون بماء نجس هل يطهر بخبزه أم لا؟ المشهور العدم وقال الشيخ في النهاية في باب المياه: فإن استعمل شئ من هذه المياه النجسة في عجين يعجن به ويخبز لم يكن بأس بأكل ذلك الخبز فإن النار قد طهرته. وقال في باب الأطعمة من الكتاب المذكور: وإذا نجس الماء بحصول شئ من النجاسات فيه ثم عجن به وخبز لم يجز أكل ذلك الخبز وقد رويت رخصة في جواز أكله وذلك أن النار قد طهرته