أقول: وربما سبق إلى الوهم من هذه الأخبار اختصاص استحباب الحناء أو جوازه بكونه بعد النورة خاصة ولذلك أنكر بعض المتعسفين استحبابه أو جوازه في غير ذلك، وربما استندوا في ذلك إلى ما رواه الصدوق في كتاب معاني الأخبار عن أبيه عن سعد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه رفعه (1) قال: " نظر أبو عبد الله (عليه السلام) إلى رجل وقد خرج من الحمام مخضوب اليدين فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) أيسرك أن يكون الله خلق يديك هكذا؟ قال لا والله وإنما فعلت ذلك لأنه بلغني عنكم أنه من دخل الحمام فلير عليه أثره يعني الحناء. فقال ليس ذلك حيث ذهبت إنما معنى ذلك إذا خرج أحدكم من الحمام وقد سلم فليصل ركعتين شكرا ".
والظاهر كما هو المفهوم من كلام جملة من الأصحاب أنه لا اختصاص له بالنورة ومن أظهر الأدلة على ذلك ما رواه الصدوق (قدس سره) في كتاب الخصال (2) بسنده فيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربع من سنن المرسلين: العطر والنساء والسواك والحناء " فإنه دال باطلاقه على أنه في حد ذاته من السنن لا بخصوص موضع كالأفراد المعدودة معه، ويظهر ذلك أيضا مع بعض الأحاديث الآتية في فضل الخضاب واستحبابه كما سنشير إليه إن شاء الله، ويؤيد ما ذكرناه ما صرح به المحدث الكاشاني في الوافي في باب الخضاب بعد نقل أخبار تغير الأظافير بالنورة ومسحها بالحناء وخبر انكار المدني على الإمام (عليه السلام) الحناء في يديه كما تقدم حيث قال: وفي هذه الأخبار دلالة على جواز ما هو المتعارف بين أصحابنا اليوم من خضاب اليدين والرجلين بلا كراهة على أنه لو لم تكن هذه الأخبار لكفى في ذلك " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " (3) إذ لم يرد في هذا