الانتصار: وينبغي أن يكون المرجع فيه إلى العرف لأنه المحكم فيما لم يثبت فيه وضع شرعي ولا لغوي.
أقول: المفهوم من الأخبار أن الفقاع على قسمين: منه ما هو حلال طاهر وهو ما لم يحصل فيه الغليان والنشيش أيام نبذه، ومنه ما هو حرام نجس وهو ما يحصل فيه الغليان، وإلى ذلك أشار ابن الجنيد فيما نقله عنه في المعتبر فيما قدمناه من عبارته، وجملة من الأصحاب قد عدوا كلام ابن الجنيد خلافا في المسألة حيث إن ظاهرهم القول بالتحريم مطلقا، والحق في المسألة هو مذهب ابن الجنيد وعليه تدل صحيحة ابن أبي عمير عن مرازم (1) قال: " كان يعمل لأبي الحسن (عليه السلام) الفقاع في منزله، قال ابن أبي عمير ولم يعمل فقاع يغلي " ورواية عثمان بن عيسى (2) قال: " كتب عبد الله بن محمد الرازي إلى أبي جعفر (عليه السلام) إن رأيت أن تفسر لي الفقاع فإنه قد اشتبه علينا أمكروه هو بعد غليانه أم قبله؟ فكتب (عليه السلام) لا تقرب الفقاع إلا ما لم تضر آنيته أو كان جديدا. فأعاد الكتاب إليه أني كتبت أسأل عن الفقاع ما لم يغل فأتاني أن اشربه ما كان في إناء جديد أو غير ضار ولم أعرف حد الضراوة والجديد وسأل أن يفسر ذلك له وهل يجوز شرب ما يعمل في الغضارة والزجاج والخشب ونحوه من الأواني؟ فكتب يجعل الفقاع في الزجاج وفي الفخار الجديد إلى قدر ثلاث عملات ثم لا يعد منه بعد ثلاث عملات إلا في إناء جديد والخشب مثل ذلك " والمستفاد منها أن الفقاع الذي يتعلق به التحريم وخرجت الأخبار بالمنع عنه وأنه خمر هو الذي يغلي وغليانه عبارة عن هيجانه واغتلامه وأن من الفقاع ما لا يكون كذلك وهو حلال، وحينئذ فاطلاق أصحابنا القول بالتحريم وجعلهم التحريم دائرا مدار صدق اسم الفقاع ليس في محله.
ثم إن ظاهرهم كما تقدم في عبارة المحقق أنه لا يشترط فيه بلوغ حد الاسكار وظاهر الأخبار أيضا أن المدار في الفرق بين الحلال والحرام من قسميه إنما هو الغليان