فلذا وقع العدول عنه إلى الوجهين المذكورين. انتهى. أقول: لا يخفى أن مراد شيخنا الشهيد (قدس سره) بما ذكره إنما هو أنه لما كان العجين المذكور من المأكولات المتعارفة وحيث عجن بالماء النجس لم يرد عنهم (عليهم السلام) ما يدل على قبوله التطهير بالماء وإنما ورد ما يدل على قبوله التطهير بالخبز وورد ما يشعر بعدم قبوله التطهير مطلقا من بيعه على مستحل الميتة أو دفنه، ولا ريب في اشعار الجميع بعدم قبوله التطهير بالماء كما ذكره شيخنا المشار إليه، ولو كان ثمة صورة يمكن فيها تطهيره بالماء من ترقيقه كما ذكروه لم يكن للاضراب عنها مع الحاجة إليه إلى هذه الصورة المذكورة في الأخبار وجه وهو كلام جيد كما لا يخفى. والتحقيق أن الخبر الوارد بالخبز لا دلالة فيه على النجاسة كما لا يخفى فإيراده ليس في محله والخبران الباقيان ظاهران في الاشعار بما ذكرناه، وأما ما ذكره من السر في العدول إلى بيعه ودفنه وهو المشقة في تطهيره فهو ممنوع وأي مشقة تلزم من ذلك حتى توجب رفع اليد عنه بالكلية؟ فإن وضعه في الكثير جاريا أو راكدا على وجه يصير رقيقا كما يدعونه أمر سهل لا مشقة فيه توجب رفع اليد عنه وإلا لاستلزم حصول المشقة ورفع اليد عن كل ما توقف تطهيره على الكثير ولا أراه يقول به. وبالجملة فكلام شيخنا المذكور عندي جيد وجيه كما لا يخفى على الفطن النبيه ومن تأمل فيما ذكرناه من التوجيه.
(المقام الثالث) في المائع من مثل الدهن ونحوه فقال جماعة إن غير الماء من المائعات مطلقا لا يقبل التطهير ما دام باقيا على حقيقته، وظاهر كلام العلامة في التذكرة قبولها الطهارة حيث قال: إنما يطهر بالغسل ما يمكن نزع الماء المغسول به عنه دون ما لا يمكن كالمائعات والكاغد والطين وإن أمكن ايصال الماء إلى أجزائها بالضرب ما لم تطرح في كر فما زاد أو في جار بحيث يسري إلى جميع أجزائها قبل اخراجها منه، فلو طرح الدهن في ماء كثير وحركه حتى تخلل جميع الماء أجزاء الدهن بأسرها طهر.
وقال في المنتهى: الدهن النجس لا يطهر بالغسل نعم لو صب في كر ماء ومازجت