الاطلاق إنما ينصرف إلى الأفراد الشائعة المتكثرة الوقوع دون الفروض النادرة ومثل هذه الفروض النادرة الشاذة لا تدخل تحت اطلاق البواطن التي رتب عليها العفو عن الإزالة إذ المتبادر منها ما كان من أصل الجسد وأجزائه الخلقية.
ومثل ما ذكرناه يأتي أيضا في المسألة الآتية إن شاء الله تعالى من إدخال الدم النجس تحت جلده فإن الأظهر فيها أيضا وجوب الإزالة مع عدم الضرر، ومما يؤكد ما ذكرناه ويؤيد ما أردناه أنه الأحوط في الدين والموجب للبراءة بيقين.
(فإن قيل) إن الاحتياط ليس بدليل شرعي (قلنا) هذا الكلام على اطلاقه ممنوع وإن زعموا صحته بناء على العمل بالبراءة الأصلية إلا أن المستفاد من الأخبار خلافه وهو أن الاحتياط في موضع اشتباه الحكم واجب كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب، ولا ريب أن المسألة عارية عن النصوص بالعموم والخصوص والحكم فيها لذلك محل اشتباه والحكم عندنا في الشبهات كما تقدم تحقيقه هو الوقوف فيها عن الفتوى والعمل بالاحتياط. والله العالم.
(السادس) قال العلامة في التذكرة: لو أدخل دما نجسا تحت جلده وجب عليه اخراجه مع عدم الضرر وإعادة كل صلاة صلاها مع ذلك الدم. قال في المدارك:
ويشكل بخروجه عن حد الظاهر وبصيرورته كجزء من دمه وأولى بالعفو ما لو احتقن دمه بنفسه تحت الجلد قال في الذخيرة بعد ذكره هذا الاستشكال: وبالجملة لقدر الثابت وجوب تطهير ظواهر البدن وأما البواطن فليس في الأدلة ما يقتضي وجوب تطهيرها بل فيها ما يدل على العفو عنها فيكون أصالة البراءة على حاله، واطلاق الصلاة غير مقيد بشرط لا يدل عليه الدليل فيحصل الامتثال، فظهر ضعف القول بوجوب إعادة الصلاة. انتهى.
أقول: فيه زيادة على ما عرفت في سابقه أن الأدلة الدالة على نجاسة البدن بما لاقاه من الدم والمني ونحوهما من النجاسات لا تخصيص فيها بباطن ولا ظاهر وإن كان الغالب إنما يقع بالظاهر خاصة والمتبادر كما عرفت من الباطن إنما هو بالنسبة إلى ما كان