قد صرحت بالتقديم. وأما القول بالتوسط كما ذهب إليه شيخنا المفيد فلم نقف له على مستند.
(الرابع) اختلف الأصحاب في الغسلة التي بالتراب هل يجب المزج فيها بالماء أم لا؟ فذهب إلى الأول الراوندي وابن إدريس ومال إليه العلامة في المنتهى خاصة، والمشهور العدم لكنهم بين ساكت عن حكم المزج وبين مصرح بجوازه واجزائه في التطهير، وممن صرح بالاجزاء الشهيد في الدروس والبيان وهو ظاهر الشهيد الثاني في المسالك أيضا إلا أنه اشترط بأن لا يخرج التراب بالمزج عن اسمه.
قال ابن إدريس على ما نقله عنه العلامة في المختلف: كيفية غسله بالتراب أن يمزج الماء بالتراب ثم يغسل به الإناء أول مرة لأن حقيقة الغسل جريان المائع على المحل.
وقال في المنتهى قال ابن إدريس الغسل بالتراب غسل بمجموع الأمرين منه ومن الماء لا يفرد أحدهما عن الآخر إذ الغسل بالتراب لا يسمى غسلا لأن حقيقته جريان المائع على الجسم المغسول والتراب وحده غير جار، وفي اشتراط الماء نظر وإن كان ما قاله قويا. انتهى.
أقول: ومن هذا الكلام علم دليل القول المذكور وملخصه أن حقيقة الغسل جريان المائع على الجسم المغسول والتراب وحده لا يحصل به الجريان فيعتبر مزجه بالماء تحصيلا لحقيقة الغسل.
وأجاب عنه المحقق الشيخ علي بأنه خيال ضعيف فإن الغسل حقيقة اجراء الماء فالمجاز لازم على تقدير ذلك مع أن الأمر بغسله بالتراب والممزوج ليس ترابا.
وأجاب عنه الشهيد في الذكرى تبعا للعلامة في المختلف بأنه لا ريب في انتفاء الحقيقة على التقديرين والخبر مطلق فلا ترجيح. وهو يرجع في الحقيقة إلى الأول وتوضيحه أن ادعاء صدق مفهوم الغسل مع المزج إن كان بالنظر إلى الحقيقة فالمزج ليس بمحصل لحقيقة الغسل قطعا إذ الغسل حقيقة إنما هو بالماء أو نحوه من المائعات المشابهة له، وإن كان باعتبار المجاز فهو صادق بالتراب وحده، وليس على ترجيح