صرح جملة من علمائنا الأعلام من أن الاطلاق إنما ينصرف إلى الأفراد الشائعة المتكثرة دون الأفراد النادرة، ولا ريب ولا اشكال بل من المتيقن الذي لا يداخله الاحتمال أن الأخبار المتقدمة كلها إنما خرجت في الكلب والخنزير البريين دون البحريين فاحتمال إرادة هذين الفردين من الأخبار المذكورة مما يقطع بعدمه، هذا مع تسليم كونه حقيقة في النوعين وإلا فإن قلنا إنه حقيقة في البري لا غير فاطلاقه على الآخر مجاز كما هو صريح عبارة العلامة في النهاية والتحرير حيث قال: إن لفظ الكلب حقيقة في المعهود مجاز في غيره. وهو ظاهره في التذكرة أيضا حيث قال بعد أن نقل عن ابن إدريس المخالفة في الحكم المذكور: ولا يجوز حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز بغير قرينة ووجه الدفع حينئذ ما ذكره في التذكرة من منع كونه حقيقة في النوعين وإرادة الحقيقة والمجاز تتوقف على القرينة، وربما ظهر من كلام المنتهى أنه مشترك بين النوعين بالاشتراك اللفظي والأكثر على الأول. وكيف كان فخلاف ابن إدريس هنا ضعيف لا يلتفت إليه.
(الفصل العاشر) في جملة من المواضع قد وقع الخلاف فيها بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) زيادة على ما تقدم في تلك الأبواب:
فمنها عرق الجنب من الحرام، قال الشيخ علي بن الحسين بن بابويه في رسالته:
إن عرقت في ثوبك وأنت جنب وكانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه ونحوه ذكر ابنه في الفقيه، وقال المفيد في المقنعة: لا يجب غسل الثوب من عرق الجنب إلا أن تكون الجنابة من حرام فيغسل ما أصابه عرق صاحبها من جسد وثوب. وقال ابن الجنيد في مختصره: وعرق الحائض لا ينجس الثوب وكذلك عرق الجنب من حلال وإن كان أجنب من حرام غسل الثوب منه. وقال الشيخ في الخلاف: عرق الجنب إذا كانت الجنابة من حرام حرام الصلاة فيه. وفي النهاية لا بأس بعرق الحائض والجنب في الثوب واجتنابه أفضل إلا أن تكون الجنابة من حرام فإنه يجب غسل الثوب