(السادس) قال الشهيد في الدروس: لو اشتبه الدم المعفو عنه بغيره كدم الفصد بدم الحيض فالأقرب العفو، ولو اشتبه الدم الطاهر بغيره فالأصل الطهارة. ولم يتعرض لبيان الوجه في الحكمين المذكورين، وقد وجهه بعض بأنه مبني على القاعدة المقررة في اشتباه الشئ بين المحصور وغيره وهي الالحاق بغير المحصور من حيث إن الحصر على خلاف الأصل وفي موضع البحث لا حصر في دم المعفو عما نقص عن الدرهم منه ولا في الدم الطاهر.
قال في المعالم: وهذا الكلام متجه بالنظر إلى الحكم الأول حيث إن ما لا يعفى عن قليله من الدماء منحصر وما يعفى عنه غير منحصر كما ذكره، وأما في الحكم الثاني فواضح الفساد لأن كلا من الدم الطاهر والنجس غير منحصر، ثم نقل عن بعض من عاصره من مشايخه بأنه وجهه بأن أصالة الطهارة لم ترد في نفس الدم بل فيما لاقاه على معنى أن طهارته إذا علمت قبل ملاقاة هذا الدم المشتبه فالأصل بقاؤها إلى أن يعلم المقتضي لنجاسته ومع الاشتباه لا علم، ثم قال وله وجه غير أن لنا في المقام توجيها أحسن منه وهو أنه لا فرق للنجس إلا ما أمر الشارع بإزالته واجتنابه ولا للطاهر إلا ما لا تكليف فيه بأحد الأمرين فإذا حصل الاشتباه كان مقتضى الأصل هو الطهارة بمعنى براءة الذمة من التكليف بواحد من الأمرين. انتهى.
وأنت خبير بأنه يمكن تطرق المناقشة إلى مواضع من هذا الكلام: (منها) الاستناد في الطهارة والعفو في التوجيه الأول إلى القاعدة المذكورة المثمرة للظن بناء على أن الحاق الفرد المذكور بالأغلب مظنون كما قيل، وبناء الأحكام الشرعية الموقوفة على التوقيف من الشارع التي قد استفاضت الآيات والروايات بالمنع فيها عن القول بغير علم على مثل هذه القواعد التي لم يثبت لها مستند من الشرع مجازفة محضة وقول على الله عز وجل بلا حجة ولا بينة، والبناء على مثل هذا الظن الغير المستند إلى آية أو رواية مشكل