دليل في ذلك فإن عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف إلا بعد البيان. انتهى.
أقول: لا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت من التحقيق الكاشف عن ضعف باطنه وخافيه. أما قوله إن هذه الأخبار صريحة فيما ادعاه فهو ظاهر البطلان، كيف وهو قد ذكر كما قدمنا نقله في معنى موثقة حنان بن سدير معنيين وكلامه إنما يتم على تقدير أحدهما وكذا في رواية حكم بن حكيم، فكيف تكونان صريحتين فيما ادعاه مع اعترافه بالاحتمالين الآخرين الموجبين لخروج الرواية من قالب الاستدلال؟ ما هذا إلا سهو ظاهر من هذا المحدث الماهر، وأما باقي الأخبار فيما أوضحناه وذكره الأصحاب من وجوه المعاني المحتملة فيها فكيف يدعى صراحتها؟
وأما قوله: " إن عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب " ففيه إنا قد أوضحنا بحمد الله سبحانه وتوفيقه دلالة موثقة حنان وصدر صحيحة العيص على ما ندعيه من وجوب الغسل في الصورة المذكورة، مضافا إلى ما أشرنا إليه من أخبار تطهير الأواني والفرش والبسط والجلود ونحوها، هذا إن خصصنا محل النزاع بالأجسام الصلبة وإن عممنا الحكم في المائع كما عرفت من أنه ظاهر كلامه كان ما ذكره في الضعف والبطلان أظهر من أن يخفى على الصبيان فضلا عن العلماء الأعيان، والله الهادي لمن يشاء (المسألة الرابعة) لا خلاف بين الأصحاب فيما أعلم في أنه متى علمت الملاقاة الموجبة للتنجيس واشتبه محلها فإن كان موضع الاشتباه محصورا وجب اجتناب ما حصل فيه الاشتباه وهكذا في الاشتباه بالمحرم، وإن كان موضع الاشتباه غير محصور لم يظهر للنجاسة أثر وبقي كل واحد من الأفراد والأجزاء التي وقع فيها الاشتباه على أصل الطهارة والحلية في الاختلاط بالنجس والحرام، وحينئذ فالكلام هنا يقع في مقامين:
(الأول) بالنسبة إلى المحصور فإن الحكم فيه ما ذكرناه كما عليه كافة الأصحاب إلى أن انتهت النوبة إلى السيد السند السيد محمد والمحقق الشيخ حسن وقبلهما