فائدة تترتب على الأعلام، وبالجملة فالاشكال في عبارة الصدوق لا في الرواية لما عرفت. والله العالم.
(المسألة الرابعة) من المطهرات عند الأصحاب الاستحالة إلا أنهم قد اتفقوا على مواضع منها واختلفوا في مواضع:
فأما ما وقع عليه الاتفاق فالنطفة والعلقة إذا استحالتا حيوانا طاهرا والخمر إذا انقلب خلا والدم إذا صار قيحا، وقد نقل العلامة في المنتهى الاجماع في كل من هذه المذكورات وأضاف إلى القيح الصديد أيضا، وفيه كلام تقدم في آخر الفصل الرابع في نجاسة الدم وهو أن الصديد قيح يخالطه الدم كما لا يخفى، ومن ذلك أيضا استحالة الماء النجس بولا لحيوان مأكول اللحم والغذاء النجس روثا لحيوان مأكول اللحم.
وأما ما وقع فيه الخلاف من الأفراد فمنه ما تقدم في مسألة التطهير بالنار، ومنه الكلب إذا وقع في المملحة فصار ملحا فذهب المحقق في المعتبر والعلامة في عدة من كتبه إلى عدم الطهارة، قال في المنتهى: إذا وقع الخنزير وشبهه في ملاحة فاستحال ملحا والعذرة في البئر فاستحالت حمأة لم تطهر وهو قول أكثر أهل العلم خلافا لأبي حنيفة (1) وبنحو ذلك صرح المحقق في المعتبر، واحتجا بأن النجاسة قائمة بالأجزاء لا بالصفات فلا تزول بتغير أوصاف محلها وتلك الأجزاء باقية فتكون النجاسة باقية لانتفاء ما يقتضي ارتفاعها. والمشهور في كلام المتأخرين عنهما هو القول بالطهارة لما قدمنا ذكره في بحث تطهير النار من أن الأحكام تابعة للاسم الجاري على حقائق الأشياء وجارية على ذلك، والكلب بعد استحالته ملحا قد صارت حقيقته إلى حقيقة الملح وسمي باسم آخر باعتبار ما صار إليه، فما ورد من الأخبار الدالة على نجاسة الكلب لا تصدق في محل البحث والأخبار الدالة على طهارة الملح وحله جارية عليه في هذه الحالة بعين ما وافقوا عليه في الأفراد المتقدمة، ولو صحت هذه التعليلات العليلة لجرت أيضا فيما وافقوا على طهارته بالاستحالة.