فيه " انتهى. أقول: من المحتمل قريبا بل الظاهر أنه المراد من الخبر أن التشديد إنما هو بالنسبة إلى الإزالة لا إلى النجاسة إذ النجاسة لا تقبل الشدة والضعف إلا بنوع من الاعتبار الذي لا يصلح لبناء حكم شرعي عليه، وأما الإزالة فالأمر فيها ظاهر فإن المني لمزيد ثخانته ولزوجته يحتاج في الغسل إلى مزيد كلفة بخلاف البول الذي هو كالماء.
ويمكن الاستدلال على الطهارة بعموم موثقة عمار الساباطي عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه " وموثقة عبد الله بن بكير (2) " أن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائزة " إلا أن في الخروج عما ظاهرهم الاجماع عليه سيما مع أوفقيته بالاحتياط بهذين الخبرين مع ما هما عليه من الاجمال اشكالا، إذ المتبادر من الأول إنما هو البول والروث كما فهمه الأصحاب ولذلك نظموه في سلك الأخبار الدالة على طهارة بول وروث ما يؤكل لحمه، وقد تقدم مع جملة منها كذلك في أول الباب، وأما الثانية فالمراد منها إنما هو الاشعار والأوبار والجلود ونحوها ويدل على ذلك سياق الخبر المذكور كما لا يخفى على من راجعه. وظاهره أن الفرق في صحة الصلاة وعدمها في المأكول وغير المأكول إنما هو من حيث كونه مأكول اللحم وغير مأكول اللحم. وهذا لا يتمشى في المني إذ الحكم بالنجاسة وعدم جواز الصلاة فيه أو الطهارة وجواز الصلاة فيه لا يفرق فيهما بين مأكول اللحم وعدمه كما لا يخفى، وبالجملة فالأحوط الوقوف على ما ذكروه وإن لم أقف له على دليل شاف.
(الثالث) مني غير ذي النفس السائلة، والظاهر من كلام جملة من الأصحاب هو القول بالطهارة، وتردد فيه المحقق في المعتبر ونحوه العلامة في المنتهى مع ميلهما إلى الطهارة، والظاهر أن وجه التردد هو ما أشرنا إليه آنفا من استدلالهما بأخبار المني المتقدمة على نجاسة مني غير الانسان من ذوات النفس السائلة وشمولها له بعمومها، وحينئذ فيحتمل دخول ما لا نفس له تحت عموم تلك الأخبار إذ لا تصريح في تلك الأخبار