والتراخي بمجرده غير كاف في صدقهما. انتهى. وهو يرجع إلى ما قدمناه بعد نقل كلام صاحب المدارك من عدم صدق التعدد في الصورة المفروضة وإنما يحصل بالقطع الحسي. نعم لو صحت الرواية التي ذكرها في الذكرى من تعليل المرتين بأن الأولى للإزالة والثانية للانقاء أمكن ما ذكره في المدارك وسقط ما أورده عليه في المعالم لوجود العلة في المنطوق وحينئذ فإن اكتفى بذلك مع القطع الحسي فمع حصول الغسل بقدر زمان القطع إن لم يكن أولى بالاكتفاء لا أقل أن يكون مساويا لكن الخبر كما عرفت آنفا غير ثابت وإنما المعلوم كون ذلك تعبدا شرعا فيقين البراءة لا يحصل إلا به، ومن ذلك علم أن في المسألة أقوالا ثلاثة.
والشهيد (قدس سره) مع تصريحه هنا بالاكتفاء باتصال الماء بقدر الغسلتين صرح في الاستنجاء بأنه لا بد في حصول التعدد من الفصل حسا وبين الكلامين تناقض ظاهر، وقد تقدم الجواب عنه في مسألة الاستنجاء من البول فليلحظ.
(الثالث) قد صرحت صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة وكذا عبارة كتاب الفقه بالاكتفاء بالمرة في الغسل في الجاري، وبذلك صرح جملة من الأصحاب كالشهيدين والعلامة في التذكرة والنهاية والشيخ علي وصاحب المدارك وأضافوا إلى الجاري الراكد الكثير، وهو جيد. ويمكن أن يكون ذكر الجاري في الخبرين المذكورين إنما هو من قبيل التمثيل لا من قبيل الحصر. وأما قوله في كتاب الفقه " ومن ماء راكد مرتين " فينبغي حمله على الأقل من كر لينطبق على ظواهر الأخبار وكلام الأصحاب، والصدوق في الفقيه قد عبر بعين عبارة كتاب الفقه. وقال في المنتهى في أحكام الأواني: الجسم النجس إذا وقع في الكثير من الراكد احتسب بوضعه في الماء ومرور الماء على أجزائه غسله وإن خضخضه وحركه بحيث تمر عليه أجزاء غير الأجزاء التي كانت ملاقية له احتسب بذلك غسلة ثانية كما لو مرت عليه جريات من الجاري. ومقتضى هذا الكلام اعتبار التعدد في الجاري والراكد الكثير، ونقل عن الشيخ نجيب الدين في الجامع