بل لقائل أن يقول إنه متى أمكن وضع التراب فيه وإن كان ضيق الرأس وتحريكه في مواضع النجاسة فإنه يحصل التطهير به إذ الدلك غير مشترط فلا اشكال ولا ضرورة إلى المزج، وأما ما ذكره في الوجه الثاني من تفصيله من الاكتفاء بالماء فضعيف والفرق بينه وبين فقد التراب الذي اختار فيه البقاء على النجاسة غير ظاهر. وما استند إليه من الفرق بالحكمة مزيف فإن الخروج من يقين النجاسة المخصوصة بمطهر مخصوص مع عدم وجود مطهرها بمثل هذه التخريجات الواهية مجازفة، وأي ضرر على المالك في تعطيل إناء من خزف أو غيره لا ينتفع به؟ وكثير من الأشياء غير قابل للتطهير أصلا مع قابليته للانتفاع، وبالجملة فإن التفات الشارع إلى التخفيف في الصورة المذكورة ونحوها غير معلوم من الشرع، وإن قلنا بعدم اجزاء الممزوج كما هو أحد الأقوال فالحق هو القول الثاني كما جزم به شيخنا الشهيد الثاني في الروضة إلا أنه يرد على شيخنا المذكور أن ما اختاره في هذه المسألة وصرح به في الروضة لا يلائم ما اختاره في المسالك في مسألة المزج من اجزائه. اللهم إلا أن يقول إنه بالمزج على الكيفية التي في كلام هذا المفصل يخرج التراب عن اسمه كما قيد به قوله في المسالك فلا منافاة. والله العالم.
(الحادي عشر) قال الشيخ في الخلاف: إذا ولغ كلبان أو كلاب في إناء واحد لم يجب أكثر من غسل الإناء ثلاث مرات، ثم ذكر أن جميع الفقهاء لم يفرقوا بين الواحد والمتعدد إلا من شذ من العامة فأوجب لكل واحد العدد بكماله، واحتج الشيخ على ما ذكره بأن النص خال من التعرض للفرق بين الواحد والأكثر والكلب جنس يقع على القليل والكثير. وهذا الحكم قد ذكره أيضا أكثر الأصحاب وزادوا فيه أيضا تكرر الولوغ من الواحد، واحتج عليه الفاضلان في المعتبر والمنتهى بأن النجاسة واحدة فقليلها ككثيرها لأنها لا تتضمن زيادة عن حكم الأولى. وهو جيد إلا أن تعليل الشيخ (قدس سره) أجود وأقوى لأن سوق الخبر يساعده حيث إنه صريح في