المحصور وغير المحصور سواه ومن في طبقته ومن تأخر عنه، ولهذا أنه في المدارك كما قدمنا في عبارته قال هذا الحكم إشارة إلى المحصور مقطوع به في كلام الأصحاب وأما ما ذكره من أنه ليس عليه دليل ولا حجة سوى الاجماع فهو مردود بما عرفت من الجزئيات الداخلة تحت هذه القاعدة الثابتة بالنصوص، ولا يخفى أن القواعد الكلية في الأحكام الشرعية كما تثبت بورود النص في الحكم مسورا بسور الكلية كذلك تثبت بتتبع الجزئيات المتفقة على ذلك الوجه، ونحن قد تتبعنا الأخبار بالنسبة إلى المحصور فوجدناها قد وردت في جملة من الأحكام متفقة النظام ملتئمة تمام الالتئام على الدخول تحت هذه القاعدة التي ذكرها الأصحاب وهو اعطاء المشتبه بالنجس والحرام حكمهما في المحصور كما مرت إليه الإشارة، والقواعد الكلية كما تثبت بورودها مسورة بسور الكلية تثبت أيضا بتتبع الجزئيات واتفاقها على نهج واحد في الحكم كالقواعد النحوية المبنية على تتبع جزئيات كلام العرب، وأكثر القواعد في الأحكام الشرعية إنما هو من هذا القبيل كما لا يخفى على المتتبع من ذوي التحصيل، ويعضد ذلك الاجماع المدعى في المسألة والوجوه التي ذكروها وقد بينا وجه صحتها في مسألة الإناءين. والله العالم.
(المقام الثاني) بالنسبة إلى غير المحصور وقد عرفت اجماع الأصحاب هنا أيضا على ارتفاع حكم النجاسة، بقي الاشكال في أنه لم يرد في الأخبار في هذا المقام التعبير بالمحصور وغير المحصور وترتب كل من حكمي المحصور وغير المحصور على وجود هذا العنوان وإنما المستفاد من تتبعها كما قدمنا بيانه أنه متى وقع الاشتباه في أفراد معلومة مشاهدة كمسألة الإناءين واللحم المختلط ذكيه بميته والثياب المختلط نجسها بطاهرها ونحو ذلك فإنه يجب عليه اجتناب الجميع وأن الشارع قد أعطى المشتبه هنا حكم ما اشتبه به في النجاسة والحرمة، وأما ما يوجد في أيدي المسلمين وأسواقهم فالحكم فيه هو الطهارة والحلية وإن علم النجس والحرام في الجملة لا في تلك العين بخصوصها متحدة أو متعددة، والأصحاب هنا قد عبروا عن الحكمين المذكورين بالمحصور وغير المحصور وكلامهم في بيان المراد من ذلك