أقول: هذه الرواية بهذا المتن رواها في الكافي وفي التهذيب عن معاوية بن عمار وأما ما ذكره عن محمد بن عمار فالظاهر أنه من سهو قلمه، وأيضا في سند الرواية يونس ابن يعقوب وحديثه عندهم معدود في الموثق لتصريح جملة منهم بكونه فطحيا وإن وثقه آخرون، وهذا المتن الذي نقله هو الذي في التهذيب وأما المتن المنقول في الكافي فهو عار عن لفظ الخمر وهذه صورته: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج ويقول قد طبخ على الثلث وأنا أعلم أنه يشربه على النصف أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟ فقال لا تشربه " وعلى هذه الرواية فلا دلالة في الخبر، والعجب من صاحبي الوافي والوسائل قد نقلا الرواية بالمتن الذي في الكافي في الكتابين المذكورين ولم يتنبها لما في البين من الاشكال المذكور، وكيف كان فالاعتماد على ما ذكره الشيخ مع خلو الكافي عنه لا يخلو من اشكال لما عرفت من أحوال الشيخ وما وقع له من التحريف والزيادة والنقصان في الأخبار، ومع اغماض النظر عن ذلك فاثبات النجاسة بذلك لا يخلو من توقف إذ لعل الغرض من التشبيه إنما هو بالنسبة إلى التحريم المتفق عليه، وبالجملة فأصالة الطهارة أقوى متمسك حتى يقوم الدليل على ما يوجب الخروج عنه، ونحن إنما خرجنا عنه في الفقاع لاستفاضة الروايات بكونه خمرا كما عرفت، وترتب هذا المعنى على مجرد هذه الرواية مع ما عرفت من العلة محل توقف. والله العالم.
(تذنيب) يشتمل على الكلام في حل عصير التمر والزبيب، وهذه المسألة وإن كانت خارجة عن محل البحث وإن الأنسب بها كتاب الأطعمة والأشربة إلا أنها لما كانت من الضروريات التي تلجئ الحاجة إلى معرفة حكمها لابتلاء الناس بها ووقوع الخلاف في هذه الأزمنة المتأخرة فيها ولهذا كثر السؤال عنها وربما صنف فيها الرسائل وأكثر القائلون فيها بالتحريم من الدلائل التي لا تصل عند التأمل إلى طائل سوى ايقاع الناس في المشاكل والمعاضل، فرأيت أن أكشف عن وجه تحقيقها نقاب الإبهام وأحيط