بالكراهة حملا للخبرين المذكورين على ذلك، وهو من جملة سقطاته لما عرفت من أن الخبرين مع صحتهما لا معارض لهما يوجب ارتكاب التأويل فيهما مع قول جملة من فضلاء الأصحاب بمضمونهما. والله العالم.
ومنها المسوخ، والمشهور بين الأصحاب القول بطهارتها ونقل عن الشيخ في الخلاف القول بنجاستها وعزى العلامة في المختلف موافقته إلى سلار وابن حمزة، ونقل في المعالم عن ابن الجنيد أنه استثناها مما حكم بطهارة سؤره مع حكمه بطهارة سؤر السباع وقرنها في الاستثناء بالكلب والخنزير، وظاهر ذلك القول بنجاستها أو نجاسة لعابها. والظاهر الأول فإن الحكم بنجاسة اللعاب مع طهارة العين بعيد وإن نقل أيضا عن بعض الأصحاب، وعدها في قرن الكلب والخنزير مؤيد لما ذكرنا.
ويدل على القول المشهور وهو المعتمد مضافا إلى أصالة الطهارة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضل أبي العباس (1) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فضل الهرة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئا إلا سألته عنه فقال لا بأس به حتى انتهيت إلى الكلب فقال رجس نجس.. الحديث " وفي المختلف وغيره أن الشيخ احتج على النجاسة بتحريم بيعها ولا مانع من البيع سوى النجاسة. وربما استدل على تحريم بيعها برواية مسمع عن الصادق (عليه السلام) (2) " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن القرد أن يشترى أو يباع " وأجيب بالمنع من تحريم البيع (أولا) فإن الرواية الدالة على ذلك مع كونها ضعيفة السند مختصة بالقرد خاصة. و (ثانيا) بالمنع من كون المقتضي لحرمة البيع هو النجاسة فلا بد من إقامة الدليل على انحصار المقتضي فيها.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الروايات قد اختلفت في أنواع المسوخ زيادة ونقصا ووجودا وفناء