واطلاقه حتى يحصل الرافع، ونظائره في أحكام الفقه أكثر من أن تحصى كما تقدم ذكره في مقدمات الكتاب، ولا خلاف في العمل به في الأحكام الشرعية فإن النجاسة قد ثبتت بملاقاة عين النجاسة برطوبة فالحكم بطهارة ما لاقته يحتاج إلى دليل سواء كانت باقية أو زالت بغير مطهر شرعي وهو مما لا خلاف فيه نصا وفتوى، وسيأتي مزيد تحقيق للمقام في مسألة تطهير الشمس إن شاء الله تعالى.
ثم إن ممن اختار القول بالطهارة أيضا بمجرد زوال العين عن الصقيل المحدث الكاشاني في المفاتيح وقد سلف البحث معه في ذلك في الباب الأول في آخر مسألة جواز رفع الخبث بالمضاف وعدمه فليراجع. والله العالم.
(المسألة الثانية) لا خلاف بين الأصحاب فيما أعلم في أصل العفو عن دم الجروح والقروح قليلا كان أو كثيرا والأخبار به متظافرة، وإنما الخلاف بينهم في حد العفو فمنهم من جعل الحد في ذلك البرء ومنهم من جعله الانقطاع وأصحاب هذا القول بين مطلق لذلك ومقيد بكونه في زمان يتسع لأداء الصلاة، فالاطلاق للعلامة في بعض كتبه والشهيد فيما سوى الذكرى والتقيد للمحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى، وناط العلامة في القواعد العفو بحصول المشقة بالإزالة وهو ظاهره في النهاية ومثله المحقق في الشرائع، وجمع في المنتهى والتحرير بينه وبين عدم وقوف جريانها فجعلهما المناط في العفو، واستشكل في النهاية وجوب إزالة البعض إذا لم يشق وأوجب فيها وفي المنتهى ابدال الثوب مع الامكان معللا بانتفاء المشقة فينتفي الترخيص لانتفاء المعلول عند انتفاء علته.
واعترضه في المعالم فقال بعد نقل ذلك: وأنت خبير بأنه مع وجوب إزالة البعض حيث لا يشق ووجوب ابدال الثوب إن أمكن لا يبقى لهذا الدم خصوصية فإن ايجاب إزالة البعض مع عدم المشقة يقتضي وجوب التحفظ من كثرة التعدي أيضا مع الامكان كما لا يخفى، واغتفار ما دون ذلك ثابت في مطلق الدم بل في مطلق النجاسات. وظاهر جماعة من الأصحاب أن الخصوصية هنا ثابتة عند الكل وإن اختلفوا في مقدارها