الحياة من الحيوان ذي النفس السائلة نجس متى انفصل عنه في حال الحياة أو الموت، والأكثر كما عرفت على ما صرح به العلامة في التذكرة والنهاية من القول هنا بطهارة الفأرة مطلقا وإن انفصلت من الحية أو الميتة، وهو مدافع لما ذكروه ثمة، والجواب عن ذلك هو تخصيص الحكم في تلك المسألة بروايات هذه المسألة الدالة على الطهارة واستثناء هذا الفرد بهذين الخبرين من الحكم المتقدم. والله العالم.
(الثامن) أن ما اشتملت عليه رواية أبي حمزة الثمالي من قوله (عليه السلام): " فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه إلا أن يأتيك من يخبرك عنه " بعد قوله (عليه السلام): أن الإنفحة ليس بها بأس.. إلى آخر الكلام المؤذن بأن توهم التحريم في الجبن إنما هو من حيث الإنفحة لأنها ميتة كما هو اعتقاد السائل المذكور ونفيه (عليه السلام) ذلك المقتضي لحل الجبن لا يخلو من اشكال، والظاهر أن الوجه فيه أحد أمرين: أما حمل الكلام الأخير على ما إذا حصل سبب آخر يوجب التحريم فيكون حكما مستأنفا لا تعلق له بجواب السائل، وأما حمل الكلام على الرجوع عن الجواب الأول حيث إنه (عليه السلام) فهم من السائل عدم قبوله من حيث حكمه بأن الإنفحة ميتة موجبة لتنجيس الجبن إذا لاقته فعدل إلى الجواب بالتي هي أحسن من أنه مع تسليم ما يدعيه فإن الأصل في الأشياء الطهارة فاشتر من سوق المسلمين وكل حتى تعلم أنه خالطه الإنفحة، وبهذا الوجه صرح في الوافي حيث قال: " ولما استفرس (عليه السلام) من قتادة عدم قبوله ولا قابليته لمر الحق عدل به عن الحق إلى الجدال بالتي هي أحسن وقال: اشتر الجبن من أسواق المسلمين ولا تسأل عنه " انتهى.
أقول: وأخبار الجبن جلها أو كلها قد اشتملت على تعليل تحليل الجبن بهذه القاعدة المنصوصة، والظاهر أن السر فيه هو ما ذكرناه في الوجه الأول أو الثاني، ومنها ما رواه في الكافي عن عبد الله بن سليمان عن الصادق (عليه السلام) (1) " في الجبن؟