نشيط بن صالح الدالة على المثلين (1) مع ما في دلالتها من الاجمال في البين، وأيدها بما روى من أن البول إذا أصاب الجسد يصب عليه الماء مرتين، ولقد كانت هذه الروايات أصرح وأوضح وأولى في الاستدلال لو كانت هذه المسألة من قبيل ما اشتملت عليه دون أن تجعل مؤيدة وغيره لم يشر إليها بالكلية، وقد عرفت مما تقدم في كلام صاحب المعالم أن المسألتين عنده من باب واحد وأنه يكتفي بالمرة فيهما. وفيه ما عرفت فإن الأظهر هو وجوب المرة في الاستنجاء والمرتين فيما عداه عملا بالظاهر من أخبار كل من المسألتين.
(الثاني) الظاهر كما صرح به جماعة: منهم الشهيد الثاني اعتبار الفصل بين المرتين ليتحقق العدد وصدق المرتين المأمور بهما في الأخبار، واكتفى الشهيد في الذكرى باتصال الماء بقدر الغسلتين، قال في المدارك: وهو مشكل نعم لو كان الاتصال بقدر زمان الغسلتين والقطع أمكن الاكتفاء به فيما لا يعتبر تعدد العصر فيه لأن اتصال الماء في زمان القطع لا يكون أضعف حكما من عدمه. وفيه أن صدق التعدد في الصورة المذكورة مشكل والظاهر أنه لا يصدق إلا مع القطع الحسي لا التقديري.
وقال في المعالم: ذكر جماعة من الأصحاب أنه يكفي في المرتين التقدير فلو اتصل الصب على وجه لو انفصل لصدق التعدد حسا أجزأ، ووجهه البعض بدلالة فحوى الاكتفاء بالحسي عليه. وهو على اطلاقه مشكل لأن دلالة الفحوى موقوفة على العلم بعلة الحكم في المنطوق وكونها في المفهوم أقوى وليست العلة هنا بواضحة. انتهى.
أقول: الظاهر أن الإشارة بالبعض المذكور في كلامه إلى صاحب المدارك وما نقلناه عنه هنا.
ثم قال في المعالم بعد كلام في البين: والذي يقوى في نفسي اعتبار صدق المرتين عرفا مع التراخي لأن المقتضي للفرق بين التراخي وعدمه ملاحظة تحقق المرتين المأمور بهما