وانتفاء الفرق والحق أن الرواية المذكورة بناء على ما حققناه سابقا في الموضع المشار إليه وبينا معارضتها بالأخبار المستفيضة لا تصلح مستندا في المقام.
(تذنيب) يشتمل على فائدتين: (الأولى) اعلم أن النجاسة العينية تطلق في كلام الفقهاء على معان وتقابلها الحكمية في كل منها (فأحدها) أن يراد بها ما تتعدى نجاسته مع الرطوبة وهو مطلق الخبث وهو الأكثر دورانا في كلامهم. وتقابلها الحكمية بمعنى ما لا تتعدى بأن يكون المحل الذي قامت به معها طاهرا لا ينجس الملاقي له ولو مع الرطوبة ويحتاج زوال حكمها إلى مقارنة النية كنجاسة بدن الجنب والحائض ونحوها المتوقف على الغسل. و (ثانيها) ما إذا كانت عين النجاسة محسوسة مع قبول الطهارة كالدم والغائط والبول قبل جفافه ونحوها، وتقابلها الحكمية بهذا الاعتبار وهو ما لا يكون له جرم ولا عين يشار إليها كالبول اليابس في الثوب. و (ثالثها) ما يكون عينا غير قابل للتطهير كالكلب والخنزير وتقابلها الحكمية بهذا الاعتبار وهو ما يقبل التطهير كالميت بعد برده وقبل تطهيره بالغسل، وعلى هذا فتكون نجاسة الميت عينية بالمعنى الأول والثاني حكمية بالمعنى الثالث فهي عينية من جهة وحكمية من جهة، وأما نجاسة الماس له فإنها حكمية بالمعنى الأول برطوبة كان المس أو يبوسة وعينية بالنسبة إلى العضو الذي وقع المس به بالرطوبة اجماعا ومع اليبوسة يبني على الخلاف المتقدم.
(الثانية) قد صرح جمع من الأصحاب بأن المعتبر من الرطوبة التي يتوقف تأثير النجاسة عليها ما يتعدى منها شئ إلى الملاقي فأما القليلة البالغة في القلة إلى حد لا يتعدى منها شئ فهي في حكم اليبوسة. وهو جيد ويدل عليه أخبار موت الفأرة في الدهن الجامد ونحوه (1) وأنه يؤخذ ما حولها خاصة والباقي طاهر، والتقريب فيها أن الجمود في الدهن لا يبلغ إلى حد اليبس بل الرطوبة فيه في الجملة موجودة كما لا يخفي.
(المقام الثاني) في بيان الخلاف في الكلية الثانية وهي أن كل ما حكم