لا يخلو من اضطراب. فجملة من الأصحاب جعلوا المرجع في الحصر إلى ما يصدق عليه العرف إذ لم يثبت له حقيقة في غيره ومثلوا له في الأرض بالبيت والبيتين ولغير المحصور فيها بالصحراء.
وقال المحقق الشيخ علي في حاشية الشرائع: المراد بالمحصور وغير المحصور ما كان كذلك في العادة لأن الحقيقة العرفية مقدمة على اللغوية عند فقد الشرعية، ولأنه لولا إرادة العرفية هنا لامتنع تحقق الحكم فإن كل ما يوجد من المعدودات فهو قابل للعد والحصر والمراد به ما يعسر حصره وعده عرفا باعتبار كثرة آحاده، وطريق ضبطه وضبط أمثاله أنك إذا أخذت مرتبة من مراتب العدد عليا تقطع بأنها مما لا يحصر ولا يعد عادة لعسر ذلك في الزمان القصير كالألف مثلا تجعلها طرفا ثم تأخذ مرتبة أخرى دنيا كالثلاثة مما يقطع بكونها محصورة ومعدودة لسهولة عدها في الزمان القصير فتجعلها طرفا مقابلا للأول ثم تنظر فيما بينهما من الوسائط فكل ما جرى مجرى الطرف الأول تلحقه به وما جرى مجرى الطرف الثاني تلحقه به وما وقع فيه الشك يعرض على القوانين والنظائر ويراجع فيه القلب فإن غلب على الظن الحاقه بأحد الطرفين فذاك وإلا عمل فيه بالاستصحاب إلى أن يعلم الناقل، وهذا ضابط لما ليس بمحصور شرعا في أبواب الطهارة والنكاح وغيرهما، فمتى اشتبه الذكي بغيره والطاهر بالنجس في الثياب والمكان والأواني والمياه وغير ذلك والمحرمة بالأجنبية وكان غير محصور لم يجب الاجتناب وإلا وجب، إذا عرفت ذلك فاعلم أن المشتبه بالنجس من الأمكنة كالبيت والبيتين له حكمه على معنى وجوب اجتناب الجميع فلا يجوز أن يجعل شئ منه مسجد الجبهة لما تقرر من أن مسجد الجبهة يشترط فيه الطهارة وقد تكافأ في المشتبه بالنجس كل من طرفي الطهارة والنجاسة، وكذا استعماله في كل ما يشترط فيه الطهارة كالتعفير في إناء الولوغ والتيمم، أما لو باشر بعضه برطوبة فإن المحل الملاقي لا ينجس إذا كان مملوكا لطهارته قبل ذلك لعدم القطع بملاقاة النجاسة فيستصحب حكم الطهارة