مع كون مورد محل المناقشة غير العبارة التي ذكرها كما عرفت: " فالظاهر اعتباره لأنها نجاسة الولوغ " أي الظاهر اعتبار تعفير ذلك الإناء الذي لاقاه ماء الغسالة التي لم يعفر إناؤها أولا لأنها نجاسة ماء الولوغ، فإنه منظور فيه بأنه إن أراد بكونها نجاسة ماء الولوغ بمعنى أنها مسببة عنه فلا يجدي نفعا وإن أراد أنه يصدق عليها العنوان المرتب عليه الحكم فمنعه أوضح من أن يخفى، إذ ماء الولوغ الذي يترتب عليه التعفير والعدد إنما هو الماء الذي ولغ فيه الكلب لا ما غسل به إناؤه، وما أبعد قوله هنا بوجوب التعفير والغسل بعده كما في أصل ماء الولوغ وبين قول الشيخ في الخلاف كما نقله عنه جملة من الأصحاب من طهارة غسالة ماء الولوغ.
و (ثانيهما) ما ذكره من الاشكال فإنه لا وجه له عند التأمل في كلام العلامة وذلك فإن غرضه من الحكم بالمساواة المذكورة إنما هو الرد على الأقوال التي نقلها عن العامة من التعدد الذي ذكروه في تلك المراتب فإنها موقوفة على الدليل وليس فليس فالمتجه كونها نجاسة كغيرها من النجاسات، والتعلق بأن حكم النجاسة يضعف ويشتد موقوف على الدليل الدال على التعدد في تلك المراتب وأما مع عدم الدليل فليس إلا الرجوع إلى الأمر الاجمالي من الاتصاف بالتنجيس واعتبار ما يصدق به زوالها. وهذا بحمد الله ظاهر لا سترة عليه. والله العالم.
(الرابع عشر) قال في المنتهى: لو وقع فيه نجاسة بعد غسله بعض العدد فإن كانت ذات عدد مساو للباقي كان كافيا وإلا حصلت المداخلة في الباقي وأتى بالزائد وهكذا لو وقع فيه نجاسة قبل الغسل إلا أن التراب لا بد منه للولوغ ثم إن كانت النجاسة تفتقر إلى الغسل ثلاثا وجب الثلاث من غير تراب، وبالجملة إذا تعددت النجاسة فإن تساوت في الحكم تداخلت وإن اختلفت فالحكم لأغلظها. انتهى. أقول: ما ذكره من التداخل في ما حصل الاتفاق فيه جيد إلا أنه مخالف لمقتضى ما صرحوا به في غير موضع من أن تعدد الأسباب موجب لتعدد المسببات.