لأن النهي عن الأكل فيه لا يتعدى إلى المأكول. وعلى هذا النحو كلام من تأخر عنه، ونقل في المدارك عن المفيد (قدس سره) تحريم المأكول والمشروب، قال ولو استدل بقول علي (عليه السلام) (1) " إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " أجيب عنه بأن الحقيقة غير مرادة والمتبادر من المعنى المجازي كون ذلك سببا في دخول النار بطنه وهو لا يستلزم تحريم نفس المأكول والمشروب. انتهى.
أقول: يمكن توجيه كلام المفيد (قدس سره) بأن يقال إن النهي أولا وبالذات وإن كان عن تناول المأكول والمشروب لكن يرجع ثانيا وبالعرض إلى المأكول بأن يقال إن هذا المأكول يكون حراما متى أكل على هذه الكيفية، وظاهر النصوص يساعده لأنها تضمنت النهي عن الأكل حال كونه في هذه الأواني والأكل حقيقة عبارة عن المضغ في الفم والازدراد في الحلق وحمل الأخبار على مجرد التناول مجاز فهذا الطعام أو الشراب الذي في الآنية وإن كان حلالا في حد ذاته يجوز أكله بأي نحو كان إلا أنه بوضعه في هذه الآنية وأكله فيها عرض له التحريم، ونظيره تحريم أخذ الحق الشرعي بحكم حاكم الجور وأنه سحت كما دلت عليه الأخبار مع جواز التوصل إلى أخذه مقاصة فضلا عن التوصل بحكم حاكم العدل. وبالجملة فإنه إذا قال الشارع لا تأكل في آنية الذهب مثلا والأكل إنما هو عبارة عن المعنى الذي قدمناه والنهي حقيقة في التحريم فإنه لا وجه للتحريم إلا من حيث عدم صلاحية المأكول للأكل من هذه الجهة فيرجع التحريم إلى المأكول بالآخرة لا من حيث ذاته بل من هذه الحيثية المخصوصة. والله العالم (الثاني) قد صرح المحقق في المعتبر وقبله الشيخ في المبسوط بأنه لو تطهر من آنية الذهب والفضة لم يبطل وضوؤه ولا غسله. والشيخ ذكر الحكم ولم يعلله بشئ والمحقق نقل في المعتبر عن بعض الحنابلة المنع (2) معللا له بأنه استعمله في العبادة فيحرم