قال: كل شئ لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان أن فيه ميتة " وهذا الخبر أقرب انطباقا على الوجه الثاني، ومنها صحيحة ضريس (1) قال: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم أنأكله؟ فقال أما ما علمت أنه خلطه الحرام فلا تأكل وأما ما لم تعلم فكل حتى تعلم أنه حرام " وهي محتملة للوجهين المتقدمين. ورواية عبد الله بن سليمان (2) قال: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجبن؟ قال سألتني عن طعام يعجبني ثم أعطى الغلام درهما فقال يا غلام ابتع لنا جبنا ودعى بالغداء فتغدينا معه فأتى بالجبن فأكل وأكلنا فلما فرغنا من الغداء، قلت ما تقول في الجبن؟ فقال أولم ترني أكلته؟ قلت بلى ولكني أحب أن أسمعه منك. فقال سأخبرك عن الجبن وغيره: كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه " وهذا الخبر أظهر انطباقا على المعنى الثاني حيث إن ظاهره أن الجبن من الأشياء التي فيها الحلال والحرام كاللحم من المذكى والميتة وليس ذلك إلا باعتبار ما يعمل بالأنفحة وما لا يعمل بها والأول منه حرام لمكان الإنفحة لأنها ميتة، وحينئذ فمخرج هذه الأخبار كلها إنما هو على التقية من حيث اشتهار الحكم بنجاسة الإنفحة عند العامة كما عرفته من كلام قتادة الذي هو من رؤوسهم (3) والله العالم.
(الفصل السادس) في الخمر وقد اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في نجاسته، فالمشهور بين أكثر علمائنا بل أكثر أهل العلم هو القول بالنجاسة حتى أنه حكي عن المرتضى (رضي الله عنه) أنه قال لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر إلا ما يحكى عن شذاذ لا اعتبار بقولهم. وعن الشيخ أنه قال: الخمر نجسة بلا خلاف وكل مسكر عندنا حكمه