بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل يعني دم السمك " أقول: قوله " ما لم يذك " أي ما لم يدخله التذكية وهو مما لا نفس له ففيه دلالة على طهارة ما لا نفس سائلة لا، إلا أن قوله أخيرا " يعني دم السمك " إن كان من كلامه (عليه السلام) فيحتمل أن يكون تقييدا لعموم " ما لم يذك " ويحتمل أن يكون تمثيلا يعني دم السمك وأمثاله، والأول أنسب بسياق الخبر والثاني أنسب بالقواعد المقررة، وكيف كان فهو ظاهر في طهارة دم السمك (السادس) دم غير السمك مما لا نفس له، وقد نقل الاجماع على طهارته جملة من الأصحاب: منهم الشيخ في الخلاف فإنه بعد أن ذكر طهارة الدم من كل حيوان لا نفس له احتج لذلك باجماع الفرقة وعدم الدلالة في الشرع على النجاسة وهي حكم شرعي لا يثبت بدون الدليل. وممن ادعى الاجماع على ذلك الشهيد في الذكرى والعلامة في المنتهى والتذكرة، ويظهر من المحقق في المعتبر حيث ذكر أن طهارة دم السمك مذهب علمائنا أجمع وقال بعده: وكذا كل دم ليس لحيوانه نفس سائلة كالبق والبراغيث. أقول ويعضد ذلك الأصل، وأما ما يوهم خلافه من ظاهر التقسيم المتقدم نقله عن الجمل والمبسوط وسلار فقد عرفت الوجه فيه، ويزيد ذلك تأكيدا صحيحة عبد الله ابن أبي يعفور (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في دم البراغيث؟
قال ليس به بأس. قلت إنه يكثر ويتفاحش؟ قال وإن كثر " ورواية الحلبي (2) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة؟ قال لا وإن كثر " ورواية محمد بن الريان (3) قال: " كتبت إلى الرجل (عليه السلام) هل يجري دم البق مجرى دم البراغيث وهل يجوز لأحد أن يقيس بدم البق على البراغيث فيصلي فيه وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به؟ فوقع (عليه السلام) يجوز الصلاة والطهر منه أفضل " وقد تقدم في حديث غياث عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) (4) قال: " لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف ".